واحدة وكل واحد في منزل منها حنث، وإن كانا في بيت فلما حلف انتقل عنه إلى منزل في الدار يكون مدخله ومخرجه ومرفقه في حوائجه على حدة لم يحنث، ولابن القاسم في غيرها عدم الاكتفاء، وإذا فرعنا على الاكتفاء، فهل يكفي أن يكون الجدار من جريد أو لابد أن يكون مبنياً بالحجر؟ ظاهر كلامه الاكتفاء، وكرهه ابن الماجشون، وهذا إنما هو عند الإطلاق، وأما إن كان للحالف نية أو بساط في التباعد فلا خلاف أنه لا يكفيه إلا التباعد.
وظاهر كلام المصنف أنه لا فرق بين أن يحلف لا ساكنه في دار بعينها، وبين أن لا يعين وهو مذهب المدونة، وقيل: إن قال: لا ساكنته في هذه الدار، لم يبر ببناء الجدار، بخلاف ما إذا لم يعين. وعارض ابن الكاتب قول ابن القاسم في هذه بالاكتفاء بضرب الجدار، بما قاله فيمن حلف لا يسكن فإنه قال: ينتقل عنها في الحال، وأجاب بأن هذه محمولة على أنه خرج عنها في الحال ولم ينتقل إليها إلا بعد بناء الجدار، وأجاب ابن محرز: بأنه شرع في البناء بإثر اليمين وأن ذلك يقوم مقام الشروع في الخروج، وقد يكون بناء الجدار أسرع من الانتقال.
وفروع الحلف على ترك المساكنة كثيرة، وكلها مبنية على أنه لا يبقى على الحالة التي كان عليها، وتركناها تبعاً للمصنف.
فرع:
قال في المدونة: وإن حلف لا يساكنه فزاره فليست الزيارة سكنى، وينظر في ذلك إلى ما كانت عليه يمينه؛ فإن كان لما يدخل بين العيال والصبيان فهو أخف، وإن أراد التنحي عنه فذلك أشد.
التونسي: قوله: "أخف" يريد: ولا يحنث؛ لأن ذلك السبب ليس بموجود في الزيارة، ولو أقام عنده على هذا أياماً، وقوله: "أشد" يريد: ويحنث؛ لأنه أراد قطع مواصلته والبعد عنه، والزيارة مواصلة وقرب.