ذلك لا يحنث به إلا أن يقول منه أو تكون له نية أو سبب، وسواء عَرَّفَ أو نَكَّرَ أو أتى بلفظ الإشارة، فقال: هذا اللحم. قال في الذخيرة: وقد جمعهما الشاعر فقال:
أمراق لحم، وخبز قمح نبيذ تمر مع الزبيب
وشحم لحم وعصر كرم يكون حنثاً على المصيب
وقد علمت أن مذهب ابن القاسم أنه ينوي في الخمسة، وقاله ابن حبيب.
وقال ابن المواز: لا ينوي المرقة إذا حلف لا آكل لحماً.
ابن رشد: يريد مع قيام البينة فيما حكم به عليه. وحكى أبو الحسن عن ابن وهب أنه يحنث بالمتولد سواء نكر أو قال هذا أو عرف، وعن ابن القاسم انه لا يحنث بالمتولد فيهما، وعن ابن حبيب أنه إن عرَّف حنث بالمتولد لا إن نكَّر، وكذلك حكى اللخمي الأقوال الثلاثة، وعلى هذا فيتحصل في المسألة بقول ابن القاسم أربعة أقوال. وفي النكت: قال ابن حبيب: إذا حلف لا أكلت رطب هذه النخلة أو هذا الرطب، فإنه يحنث بأكل ثمره، وسواء عنده قال: من رطب هذه النخلة أو قال: رطبها، وسواء قال: من هذا الرطب أو الرطب.
عبد الحق: وهذا أقيس مما ذكره ابن المواز عن ابن القاسم فتدبره.
فَلَوْ قَالَ: هَذَا الْقَمْحَ، وَهَذَا الطَّلْعَ، وَهَذَا اللَّحْمَ حَنِثَ عَلَى الْمَشْهُورِ
يعني: فإن عرَّف وأتى باسم الإشارة، فالمشهور الحنث بالمتولد للإشارة، والشاذ لابن المواز لتغيير الذات. ومنشأ الخلاف على هذا: هل تعتبر الإشارة أو العبارة؟ وما شهره المصنف لم أر من شهره غير ابن بشير، ذكر أنه المذهب، وفيه نظر؛ لأنه إنما هو معزو لابن حبيب. فإن قيل: فقد نص في المدونة على الحنث بالخبز فيما إذا قال: لا آكل هذا الدقيق أو هذه الحنطة وهو يدل لما قاله المصنف، قيل: هي إحدى الخمسة التي استثناها ابن القاسم، والأصل أن يكون ما قاله في المدونة والموازية متفقاً، وهو مقتضى كلام أبي الحسن فاعلمه.