ابن بشير: وهذا الخلاف إنما هو إذا أطلق اليمين، وأما لو نص فقال: سواء قدرت على الفعل أم لا فلا يختلف في حنثه. ولو قال: إنما أحنث إذا أمكنني فلم أفعل، فلا يختلف في نفي حنثه.

قوله: (وَلَوْ وَطِئَهَا فَقَوْلانِ) أي هل يبر أم لا؟ بناءً على حمل اللفظ على المفهوم اللغوي وقد وجد، أو الشرعي وهو لم يوجد، وأيضاً فهل المنوع شرعاً كالمعدوم حساً أم لا؟ أما لو حلف ألا يطأها فوطأها حائضاً فنص ابن دينار على أنه يحنث، ولا ينبغي أن يختلف فيه. وحكى اللخمي وغيره في بر الحالف ليأكلن هذا الطعام فتركه حتى فسد ثم أكله قولين: الحنث لمالك من رواية ابن نافع قال: لأنه خرج عن الطعام وعدمه لابن القاسم. ابن القاسم: وإن حلف لزوجته لتأكلِنَّ هذه البضعة فخطفتها هرة، فشقت جوفها فأكلتها، أنه لا يحنث إلا أن لا يكون بين أخذ الهرة إياها وبين يمينه قدر ما يتأتى أخذها.

وقال أشهب وابن دينار- في الحالف ليشترين لزوجته بهذا الدينار ثوباً، فخرج به لذلك فسقط منه-: فإن كان أراد الدينار بعينه فقد حنث، وإن أراد الشراء به أو بغيره فليشتر بغيره ولا يحنث.

وَلَوْ حَلَفَ لا أُعِيرُهُ فَوَهَبَهُ، أَوْ لا أَهَبُهُ فَأَعَارَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ حَنِثَ

قال في المدونة: ومن حلف لا يهب فلاناً هبة فتصدق عليه حنث، وكل هبة بغير ثواب فهي كالصدقة، وكذلك كل ما نفع به من عارِيَّة أو غيرها إلا أن تكون له نية في العارِيَّة؛ لأن أصل يمينه على المنفعة. وفي العتبية في امرأة حلفت في عبد لها لتبيعنه ولا تهبه، فأرادت أن تتصدق به على ولدها، فقال: لا يعجبني ذلك، وأرى هذا على نحو الهبة. قال في البيان: هذا كما قال وهو بين؛ لأن الهبة تعتصر والصدقة لا تعتصر، فإذا حنث بالهبة فالصدقة أحرى أن تحنث بها، ولا تنوي في ذلك إن ادعت نية، وكانت يمينها مما يحكم به عليها. ولو حلفت ألا تتصدق به فوهبته لابنها- وهو ممن لها أن تعتصر منه – فادعت أنها إنما حلفت على الصدقة من أجل أنها لا تعتصر، لوجب أن تنوي في ذلك. انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015