قوله: (ولا فارقني وفارق) أي: يحنث باتفاق كحلفه على فعل البر.
فرع:
فلو أحاله على غريم له ففي المدونة يحنث.
ابن يونس: قال بعض فقهائنا: وإذا حلف ألا يفارقه وله عليه حق فأحاله بحقه، ثم افترقا فلا حنث عليه؛ لأنه فارقه ولا حق عليه للحوالة الواقعة بينهما، قال: وهو منصوص لأهل المذهب وليس كمن حلف ألا يفارق غريمه حتى يستوفي حقه. ابن يونس: والظاهر أنهما سواء؛ لأنه إذا فارقه ولا حق عليه فقد استوفى حقه.
وَمَنْ حَلَفَ لا يَتْرُكُ مِنْ حَقِّهِ شَيْئاً، فَأَقَالَ وَفِيهِ وَفَاءٌ لَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ أَخَّرَ الثَّمَنَ فَقَوْلانِ ...
لأنه إذا أقاله وفيه وفاء لم يترك شيئاً، وهل يكره ذلك أم لا؟ فيه ما تقدم من الخلاف، والذي رجع إليه مالك الكراهة، واختار ابن القاسم نفيها. وإن لم يكن فيه وفاء يحنث بلا خلاف قاله في البيان ابن أبي حازم. في المدونة: إلا أن يكون حلف ألا يضع له، وهو ينوي الإقالة، فإن نوى أن يقيل ولا يضع فلا شيء عليه. وقال ابن القاسم: لا [246/أ] تنفعه النية إلا أن يكون تكلم بها حين حلف. قال في البيان: وقول ابن القاسم صحيح لأن الاستثناء لابد فيه من التلفظ باتفاق. وهذه المسألة من ذلك، وكأنه قال: لا أضع عنك من ثمنها شيئاً إلا أن أقيلك منها.
ابن عبد السلام: وهذا إذا كانت الإقالة بعد حلول الأجل، وأما إن كانت قبل حلوله، فقال ابن القاسم وأشهب: إن كان رأس المال مثل ثمن الطعام الذي في الذمة لم يحنث. وفسره ابن أبي زيد بأن يكون مثل قيمته يوم الإقالة.
قوله: (فَإِنْ أَخَّرَ الثَّمَنَ فَقَوْلانِ) اختار اللخمي نفي الحنث إذا أنظره بالثمن؛ أي: لأنه يعد حسن معاملة، لا إسقاطاً من الحق، ولأن العرف في هذه اليمين إنما يراد بها ترك