ابن عبد السلام: وظاهر كلامه أنه يدفع الحق إليهم، والمنقول هنا عند عدم الحاكم يشهد الحالف جماعة المسلمين على إتيانه بالحق، ويعلمون اجتهاده في الطلب، فيكونون شهوداً ليتخلص من يمينه ولا يبرأ من الدين بهم؛ إنما هم كالحاكم في البر لا في البراءة. وكذلك قال مالك في الموازية وغيرها، فيما إذا لم يجدوا وكيلاً على الحق ولا سلطاناً مأموناً، ودفع لأهل الطالب أو لوكيل ضيعته أو أجنبي أنه يبرأ؛ ولكنه يضمنه حتى يصل إلى ربه. قال: وإن وجد وكيلاً بالحق أو سلطاناً مأموناً لم يبرأ بالدفع إلى غيرهما، وقاله أشهب. ولم يتكلم المصنف على الإبراء من الدين، وإنما تكلم على البر؛ لأنه أليق بكتاب الأيمان. وكلام المصنف يقتضي أنه لو أعطى لجماعة المسلمين مع وجود الحاكم لم يبر، وهو مذهب الموازية على ما تقدم. ابن المواز: وقد قيل: إنه لو دفعه إلى بعض الناس بغير عذر من السلطان وأشهد لم يحنث.
فروع:
الأول: إذا أشهد على الحق كما تقدم، ثم جاء الطلب بعد الأجل فمطله لم يحنث. نص عليه سحنون؛ لأن الزمان الذي تناولته اليمين قد انقضى ولم يحنث فيه.
الثاني: عكس هذا لو غاب الحالف أو مرض أو حبس، فقضى عنه بعض أهله، أو غيرهم من ماله أو من مال الغائب، فقال ابن الماجشون: يبر. وقال ابن القاسم: لا يبر.
اللخمي: وهو أبين إذا تأخر عن القدوم للقضاء عمداً. ابن القاسم في العتبية: وإن قضاه وكيل الحالف بغير أمره لم يبر.
ولو جن الحالف فقضى عنه الإمام في الأجل بر، وإن لم يقض عنه حتى مضى الأجل لم يحنث عند ابن حبيب خلافاً لأصبغ.
الثالث: قال في المدونة: وإن حلف لرجل لأقضينك حقك إلى أجل إلا أن تشاء أن تؤخرني فمات الطالب، فإنه يجزئه تأخير ورثته إن كانوا كباراً، أو وصيه إن كان ولده