وقوله: (فَإِنْ خَالَفَ) يقتضي أن اللفظ ليس نصّاً في مدلوله؛ إذ لو كان كذلك ما افترق الحكم. وإذا ثبت أن اللفظ لابد أن يكون محتملاً، فإن كانت النية موافقة لظاهر اللفظ قبلت في القضاء والفتيا، وهذا مأخوذ من كلامه بالمفهوم.
ابن المواز: وأم ما تقبل فيه النية في القضاء والفتيا فمثاله أن يحلف لزوجته بطلاق من يتزوج في حياتها، أو يكون ذلك شرطاً في أصل نكاحها، فتَبِين منه، ثم يتزوج ويقول: نويت ما كانت تحتي فيصدق، ومثل الذي يعاتب زوجته في دخول بعض قرابتها إليها، فتحلف بحرية عبدها لا دخل علي أحد من أهلي، فلما مات قالت: نويت ما كان حيّاً، فذلك لها في القضاء وإن قامت عليها بينة، وإن كانت نيته مخالفة لظاهر اللفظ كما إذا قال لامرأته- بعد أن طلقها طلاقاً رجعياً-: إن راجعتك فأنت طالق، وقال: إنما أردت رجعتها في العدة؛ لأن ظاهر لفظه أنه لا يرتجعها أبداً، فلا يقبل منه ما ادعاه من نية إذا رفع الأمر إلى الحاكم، وهو مراده بقوله: (وَثَمَّ مُرَافَعَةٌ) وقامت عليه بينة أو أقر بذلك. وحاصله أن الرفع لابد منه في عدم القبول بشرط أن يكون مع ذلك أحد شيئين: إما البينة أو الإقرار لما يجب على الحكام من إجراء الأمور على ظواهرها، وسيأتي إذا لم تكن مرافعة.
خليل: والمثال الذي ذكره ابن راشد كذلك ذكره ابن المواز، وفيه نظر؛ لأن العرف ند الناس في المراجعة إنما هو في العدة فكان ينبغي أن تقبل نيته مطلقاً؛ وكأنهم أخذوا المراجعة بالمعنى اللغوي.
وقوله: (فَإِنْ تَسَاوَيَا) أي: أمكن أن يكون قصد باللفظ الصادر عنه ما ادعى أنه نواه، وأمكن ألا يقصد على حد سواء قبلت نيته في القضاء وأحرى في الفتيا، وهذا يتصور في تقييد المطلق أو تبيين أحد محامل المشترك. ابن راشد: ومثال الأول أن يقول: أحد عبيدي حر، ويقول: أردت فلاناً، ومثال الثاني: أن يقول: عائشة طالق، وله زوجتان اسم كل واحدة منهما عائشة. ووقع في بعض النسخ بإثر (قبلت بيمين)