وقوله: (وَمَا آذَى مِنَ الطَّيْرِ وَغَيْرِهِ كَغَيْرِهِمَا) أي: فالقولان أيضاً في قتل الطير إذا أذى. قال الباجي: لا خلاف في المذهب أنه لا يجوز قتل سباع الطير غير ما في الحديث ابتداء، ومن قتلها فعليه الفدية، فإن ابتدأت بالضرر فلا جزاء على قتلها على المشهور من المذهب فيمن عدت عليه سباع الطير أو غيرها. وقال أشهب: عليه في سباع الطير الفدية وإن ابتدأت بالضرر. وقال أصبغ: من عدا عليه سبع من الطير فقتله وداه بشاة. ابن حبيب: هذا من أصبغ غلط. واختج ابن القاسم في المبسوط أن الإنسان أعظم حرمة من الصيد، فإن قتله الإنسان دفاعا عن نفسه فلا شيء عليه. انتهى. وهذا يؤخذ من كلام المصنف؛ لأن قوله: (مَا آذَى) يدل ظاهرة على أنه فعل الإذاية، ولم أر ما حكاه من الخلاف فيما آذى من غير طير والمنقول عدم جواز القتل.

وَعَلَى أَلا يَقْتُلَ الْجَمِيعَ فَفِي الْجَزَاءِ قَوْلانِ، وَقَالَ أَصْبَغُ: مَنْ عَدَا عَلَيْهِ سَبُعٌ مِنَ الطَّيْرِ وَقَتَلَهُ فَدَاهُ بِشَاةٍ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: هَذَا غَلَطٌ، وَحَمَلَهُ غَيْرُهُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُ بِغَيْرِ الْقَتْلِ، وَإلا فَلا خِلافَ ....

أي: إذا فرعنا على عدم القتل في الجميع؛ أي: في الغراب والحدأة غير المؤذيين والصغار وما عدا من الطير فهل عليه جزاء تحقيقا للمنع أم لا؛ للاختلاف في ذلك؟ وعين في الجواهر في مسألة الطير المؤذي غير الغراب والحدأة – ينفي الجزاء. ويشكل قول أصبغ من وجهين:

الأول: أنه يجوز دفع الصائل من الآدمي ولا شيء فيه عليه، فكيف بهذا؟!

الثاني: تخصيصه بشاة والقياس أن تكون فيه القيمة، وحمل بعض المتأخرين قول أصبغ على أنه كان قادرا على الدفع بغير القتل، وأما لو تعين القتل في الدفع فلا يختلف فيه. وما حكاه المصنف عن أصبغ كذلك حكاه الباجي وغيره، وقد تقدم لفظ الباجي، وما ذكره ابن عبد السلام هنا ليس بظاهر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015