يكن برأس الحلال قمل فلا شيء عليه، وإن كان يسيرا أطعم شيئا من طعام، وإن كان كثيراً فقال مالك: يفتدي. وقال ابن القاسم: يتصدق بشيء من طعام. واختلف في تعليل الفدية، فقال بعض البغداديين: هي للحلاق. وقال عبد الحق: هي للدواب.

سند: وهو الأظهر، وإلى الأول ذهب صاحب البيان، قال: ووجه حمل قوله تعالى: (وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ (على عمومه في رأسه ورأس غيره. وتأول أيضاً ما وقع في العتبية: أن رجلا أعطى جارة له إزاراً له تفليه من القمل وهو محرم، وجرايته محرمة –أن عليه الفدية؛ على أن ذلك لأجل أنه أماط بذلك عن نفسه أذى، لا من ناحية قتل الدواب.

قال: وقد قال يحيى عن ابن القاسم: إنما قال ذلك مالك احتياطاً، ولو أطعم شيئاً من طعام أجزأه. انتهى. وقال التونسي: نص مالك في القمل إذا كثر أن فيه فدية الأذى وإن قتله في رأس حلال، وهو مشكل؛ لأنه لم يمط عن نفسه أذى ولا عن محرم، وإنما أماطه عن حلال، وهو لو أماط الأذى عن حلال لم يلزمه شيء، كما لو قلم أظفار حلال أو حلق شعره في موضع يتيقن أنه لا دواب فيه. قال: فصارت الفدية لقتل الدواب خاصة. وقد كان يجب ألا يكون في ذلك فدية، وإنما في ذلك جزاء ما قتل، ويحتاج حينئذ إلى حكومة، كما يحكم في الجراد والذر والنمل؛ لأنه لا بد في ذلك من حكومة. فما الفرق بين القمل إذا لم يمط به أذى عن نفسه وبين الذر والجراد؟ انتهى.

قوله: (وَلَوْ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ فَلا شَيْءَ عَلَيْهِ) ظاهر، وهو يرجح من تأول أن الفدية للقمل لا للحلق، إذ لو كانت للحلق لوجبت هنا للقلم.

وَلَوْ حَجَمَ مُحْرِمٌ مُحْرِماً فَحَلَقَ مَوْضِعَ الْمَحَاجِمِ فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمَحْجُومِ، وَعَلَى الْحَالِقِ حِفْنَةٌ؛ لِمَكَانِ الدَّوَابِّ، فَإِنِ اتَّفَقَ أَلا دَوَابَّ فَلا شَيْءَ عَلَيْهِ ....

هذا هو القسم الثالث، وتصوره [204/ أ] ظاهر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015