افتدى، وكل ما كان لإماطة أذى– وإن قل– ففيه الفدية، وما كان لغير إماطة أذى ولا لمنفعة– جاهلاً أو ناسياً– فعليه للشعرة أو الشعرات قبضة من طعام. انتهى. ويمكن حمل ما في المدونة على ما إذا نتف الشعرة والشعرات لغير إماطة الأذى، فيتفق ما فيها وما في الموازية. واختلف إذا قتل الكثير من القمل، فقال مالك: عليه الفدية. قال في البيان: ما ورءاه من إماطة الأذى. وقال ابن القاسم: يطعم كسرة. ولأجل أنه ممنوع من قتل الدواب قال مالك: لا يشد في حك ما خفي من جسده، وله ذلك فيما يراه، وإن أدمى جلده.
قوله: (حِفْنَةً) كذا في المدونة. وفي الموازية: قبضة، وهي الحفنة، (بِخِلافِ الْبُرْغُوثِ) أي فله طرحه، وكذلك القراد ونحوه؛ لأنه يعيش بالأرض.
التلمساني: واختلف في البراغيث، فقال في الموازية: لا بأس بقتلها. وذكر ابن الحارث عن مالك أنه يطعم عنها إذا قتلها.
تنبيه:
إذا ثبت منع قتل القمل فهل ذلك من باب إلقاء التفث أو من باب قتل الصيد؟
الباجي: ولم أر فيه نصا. قال: وعندي يحتمل الوجهين: فيشبه الصيد؛ لأنه يحرم قتل القملة توجد بالأرض، ويشبه من جهة أنه لا يجوز إلقاؤها عن الجسد إلقاء التفث؛ إذ الصيد يجوز له إلقاؤه عن نفسه، وثبت له الشبهان، ويحتمل أن يمنع من الطرح لما فيه من تعريضه للقتل، فكان كمن أزال فرخ صيد من موضعه. ثم إن قلنا: هو من باب الصيد تعلقت الفدية بقليله كما تتعلق بكثيره، وأن قلنا: إنه من باب إلقاء التفث تعلقت بكثيره دون قليله كالشعر انتهى المعنى.
خليل: وقوله: إن قلنا إنه من باب الصيد تعلقت الفدية بقليله مشكل؛ لأنه لا نعلم في المذهب في قتل [203/ب] قملة أو قملات قولاً بوجوب الفدية أصلاً. وقد قال مالك: لا بأس أن يفلي الحلال في الحرم، وكذلك قال ابن راشد: ظاهر المذهب أن قتل القمل ليس من باب الصيد.