وتغطية الوجه والرأس. وقال ابن شاس: وإحرام الرجل في وجهه ورأسه. قال ابن عبد البر: لما تكلم على ما ورد عن عثمان: أجمعوا على أنه لا يُخَمِّر المحرم رأسه واختلفوا في تخمير وجهه، وأخذ مالك بقول ابن عمر ورأى الإحرام في الوجه والرأس، وبه قال محمد بن الحسن، وأجاز عثمان وابن عباس وابن عوف وابن الزبير وزيد بن ثابت وسعيد وجابر رضي الله عنهم للمحرم أن يغطي وجهه. ثم قال: فإن فعل على قول مالك، فقال مالك: من غطى وجهه افتدى. وسئل ابن القاسم عن ذلك فقال: لم أسمع من مالك فيه شيئاً، ولا أرى عليه فدية لِمَا جاء عن عثمان انتهى. وقال الباجي: إلى المنع ذهب مالك، وإنما ذكر فعل عثمان ليكون للمجتهد طريق إلى الاجتهاد وقال القاضي أبو الحسن: إن ذلك مكروه وليس بحرام. وحكى القاضي أبو محمد في ذلك لمتأخري أصحابنا قولين: الكراهة والتحريم. قال أبو حنيفة: يتعلق الإحرام بالوجه كتعلقه بالرأس. وقال الشافعي: لا تعلق له بالوجه.

والدليل على ما نقوله ما روى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال في الرجل الذي وقصته ناقته وهو محرم: "اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثيابه، ولا تخمروا وجهه، ولا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة يلبي" ودليلنا من جهة المعنى أن هذا شخص يتعلق به حكم الإحرام، فلزمه كشف وجهه كالمرأة انتهى. وكذلك قال اللخمي: منع تغطية الوجه في المدونة، وقال: إن فعله فعليه الفدية. وقال أبو مصعب وابن القصار وعبد الوهاب: لا شيء عليه. والأول أحسن، واستدل بالحديث المذكور، قال: وذكره مسلم انتهى. وهذا كله يدل على أن المذهب وجوب الفدية بتغطية الوجه. ووقع في المدونة في الحج الأول: ويكره للمحرم أن يغطي ما فوق الذقن، فإن فعل فلا شيء عليه لما جاء عن عثمان. وفي الثالث: ولا بأس بتغطية الذقن للرجل والمرأة. وفي الثالث أيضاً: لو قام فغطى رجلٌ وجهه أو رأسه أو طَيَّبَه أو حلق رأسه ثم انتبه فلينزع ذلك وليغسل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015