- المَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ) مَا الجَوَابُ عَنْ شُبْهَةُ تَبَرُّكِ الشَّافِعِيِّ بِقَمِيْصِ أَحْمَدَ رَحِمَهُمَا اللهُ:

أَوْرَدَ الحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي التَّارِيْخِ (قَالَ الرَّبِيْعُ: إِنَّ الشَّافِعِيَ خَرَجَ إِلَى مِصْرَ - وَأَنَا مَعَهُ - فَقَالَ لِي: يَا رَبِيْعُ، خُذْ كِتَابِي هَذَا وَامْضِ بِهِ وَسَلِّمْهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَائْتِنِي بِالجَوَابِ. قَالَ الرَّبِيْعُ: فَدَخَلْتُ بَغْدَادَ، وَمَعِيَ الكِتَابُ، فَلَقِيْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلَ صَلَاةَ الصُّبْحِ، فَصَلَّيْتُ مَعَهُ الفَجْرَ. فَلَمَّا انْفَتَلَ مِنَ المِحْرَابِ سَلَّمْتُ إِلَيْهِ الكِتَابَ؛ وَقُلْتُ لَهُ: هَذَا كِتَابُ أَخِيْكَ الشَّافِعِيِّ مِنْ مِصْرَ، فَقَالَ أَحْمَدُ: نَظَرْتَ فِيْهِ؟ قُلْتُ: لَا، فَكَسَرَ أَبْو عَبْدِ اللهِ الخَتْمَ، وَقَرَأَ الكِتَابَ، فَتَغَرْغَرَتْ عَيْنَاهُ بِالدُّمُوْعِ، فَقُلْتُ: إيش فِيْهِ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ؟ قَالَ: يَذْكُرُ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ فَقَالَ لَهُ: اُكْتُبْ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَاقْرَأْ عَلَيْهِ مِنَّي السَّلَامَ وَقُلْ: إِنَّكَ سَتُمْتَحَنُ وَتُدْعَى إِلَى خَلْقِ القُرْآنِ فَلَا تُجِبْهُم؛ فَسَيَرْفَعُ اللهُ لَكَ عَلَمًا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ. قَالَ الرَّبِيْعُ: فَقُلْتُ: البِشَارَة. فَخَلَعَ أَحَدَ قَمِيْصَيْهِ الَّذِيْ يَلِي جِلْدَهُ وَدَفَعَهُ إليَّ فَأَخَذْتُهُ، وَخَرَجْتُ إِلَى مِصْرَ، وَأَخَذْتُ جَوَابَ الكِتَابِ، فَسَلَّمْتُهُ إِلَى الشَّافِعِيِّ، فَقَالَ لِيَ الشَّافِعِيُّ: يَا رَبِيْعُ، إيش الَّذِيْ دَفَعَ إِلَيْكَ؟ قُلْتُ: القَمِيْصَ الَّذِيْ يَلِيْ جِلْدَهُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ نَفْجَعُكَ بِهِ وَلَكِنْ بُلَّهُ وَادْفَعْ إِلَيَّ المَاءَ لِأَتبَرَّكَ بِهِ) - وَفِي رِوَايَةٍ (حَتَّى أَشْركَكَ فِيْهِ) -. (?)

وَالجَوَابُ:

1) أَنَّ القِصَّةَ غَيْرُ صَحِيْحَةٍ، فَقَدْ قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي تَرْجَمَةِ - الرَّبِيْعِ بْنِ سُلَيْمَانِ المُرَادِيِّ- (?): (وَلَمْ يَكُنْ صَاحِبَ رِحلَةٍ، فَأَمَّا مَا يُرْوَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ بَعَثَهُ إِلَى بَغْدَادَ بِكِتَابِهِ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَغَيْرُ صَحِيْحٍ). (?)

2) أَنَّ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللهُ لَقِيَ مَنْ هُوَ أَعْلَى رُتْبَةً مِنَ الإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُمَا اللهُ مِثْلَ مَالِكٍ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَغَيْرِهِم، وَمَعْ ذَلِكَ لَمْ يُنقَلْ عَنْهُ مِثْلُ ذَلِكَ.

3) أَنَّ مَنْ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُ - وَهُمُ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِم - لَمْ يَرِدْ عَنْهُم مِثْلَ هَذَا مَعَ مَنْ هُوَ خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا وَهُوَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقُ وَمِنْ ثُمَّ عُمَرُ وَ .... ، فَلَوْ كَانَ خَيْرًا لَفَعَلُوْهُ. وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَالسَّابِقُوْنَ الأَوَّلُوْنَ مِنَ المُهَاجِرِيْنَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِيْنَ اتَّبَعُوْهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِيْنَ فِيْهَا أَبَدًا ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيْمُ} (التَّوْبَة:100) بَيَانُ الأَمْرِ بِإِتِّبَاعِهِم. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015