د) التَّبَرُّكُ بِالمَوَاضِعِ الَّتِيْ جَلَسَ عَلَيْهَا أَوْ صَلَّى فِيْهَا. وَهَذِهِ الفَقَرَةُ يُبْنَى فَهْمُهَا عَلَى مَعْرِفَةِ حَالَيْنِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ هَذِهِ المَوَاضِعِ:

الأَوَّلُ) مَا قَصَدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ العِبَادَاتِ فِي مَكَانٍ مَا (?)؛ فَإِنَّهُ يُشْرَعُ قَصْدُهُ - اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَلَبًا لِلأَجْرِ. (?)

الثَّانِي) مَا حَصَلَ اتِّفَاقًا، أَيْ: لَمْ يَتَقَصَّدْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَإِنَّهُ لَا يُشْرَعُ تَقَصُّدُه. (?)

قَالَ المَعْرُوْرُ بْنُ سُوَيْدٍ الأَسَدِيُّ؛ خَرَجْتُ مَعَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى المَدِيْنَةِ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا صَلَّى بِنَا الغَدَاةَ، ثُمَّ رَأَى النَّاسَ يَذْهَبُوْنَ مَذْهَبًا، فَقَالَ: أَيْنَ يَذْهَبُ هَؤلَاءِ؟ قَيْلَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! مَسْجِدٌ صَلَّى فِيْهِ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمْ يَأْتُوْنَهُ يُصَلُّوْنَ فِيْهِ، فَقَالَ: إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُم بِمِثْلِ هَذَا - يَتَّبِعُوْنَ آثَارَ أَنْبِيَائِهِم، فَيَتَّخِذُوْنَهَا كَنَائِسَ وَبِيَعًا -، مَنْ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فِي هَذِهِ المَسَاجِدِ فَلْيُصَلِّ؛ وَمَنْ لَا فَلْيَمْضِ، وَلَا يَتَعَمَّدْهَا. (?)

وَلَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَ عُمَرَ السَّالِفِ فِي النَّهْي عَنْ تَتَبُّعِ الآثَارِ هُوَ مِنَ الحَقِّ الَّذِيْ جَعَلَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ القُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ (?): (وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَغَيْرُهُ مِنْ عُلَمَاءِ المَدِيْنَةِ يَكْرَهُوْنَ إِتْيَانَ تِلْكَ المَسَاجِدِ وَتِلْكَ الآثَارِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ مَا عَدَا قُبَاءَ وَحْدَهُ). (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015