الشبهة الخامسة) إن الكفار لم تنفعهم الشفاعة في الآية الكريمة {أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمان بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذوني} (يس:23) لكونهم ي

- الشُّبْهَةُ الخَامِسَةُ) إِنَّ الكُفَّارَ لَمْ تَنْفَعُهُمُ الشَّفَاعَةُ - كَمَا فِي الآيَةِ الكَرِيْمَةِ {أَأَتَّخِذُ مِنْ دُوْنِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ} (يَس:23) - لِكَوْنِهِم يَرْجُوْنَهَا مِنَ الأَصْنَامِ، وَهَلْ هِيَ إِلَّا حِجَارَةٌ صَمَّاءُ عَمْيَاءُ!

فَكَيْفَ يُقَاسُ سَيِّدُ الأَنَامِ بِهَذِهِ الأَصْنَامِ؛ فَيُقَالُ: إَنَّهُ لَا يَمْلِكُ لِأُمَّتِهِ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا!

أَلَيْسَ هَذَا إِنْكَارًا لِلشَّفَاعَةِ؛ لِأَنَّ الشَّفَاعَةَ فِيْهَا إِثْبَاتُ النَّفْعِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!

فَظَهَرَ بِذَلِكَ بُطْلَانُ حَشْرِهِمُ الأَنْبِيَاءَ وَالصَّالِحِيْنَ مَعَ زُمْرَةِ الأَصْنَامِ فِي عَدَمِ جَوَازِ الاسْتِشْفَاعِ بِهِم!!

وَالجَوَابُ مِنْ أُوْجُهٍ:

1) أَنَّ هَذَا الإِيْرَادَ فِيْهِ حَقٌّ وَفِيْهِ بَاطِلٌ، لِأَنَّ الآيَةَ عَامَّةٌ فِي كُلِّ مَا دُعِيَ مِنْ دُوْنِ اللهِ تَعَالَى، فَإِنَّ الأَصْنَامَ - وَهِيَ حِجَارَةٌ بِلَا رَيْبٍ - لَمْ تُعْبَدْ عَلَى اعْتِبَارِ أَنَّهَا حِجَارَةٌ صَمَّاءُ؛ بَلْ عَلَى اعْتِبَارِ أَنَّهَا تَرْمُزُ إِلَى أَصْحَابِهَا مِنَ الأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِيْنَ حَيْثُ جَعَلَهَا المُشْرِكُوْنَ شُفَعَاءَ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى (?)؛ فَلَمْ يَعْتَقِدُوا أَصْلًا فِيْهِمُ الخَلْقَ أَوِ الضُّرَّ أَوِ النَّفْعَ، قَالَ تَعَالَى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ لَيَقُوْلُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُوْنَ} (العَنْكَبُوْت:61).

وَتَأَمَّلِ التَّعْبِيْرَ بِـ (مَنْ) الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ المَدْعُوَّ مِنْ دُوْنِ اللهِ عَاقِلٌ وَلَيْسَ بِجَمَادٍ أَصَمٍّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُوْنِ اللهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيْبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُوْنَ} (الأَحْقَاف:5).

2) أَنَّ شِرْكَ المُشْرِكِيْنَ أَصْلًا هُوَ فِي دُعَاءِ الصَّالِحِيْنَ وَالاسْتِغَاثَةِ وَالاسْتِشْفَاعِ بِهِم عِنْدَ رَبِّهِم، قَالَ تَعَالَى: {وَيَعْبُدُوْنَ مِنْ دُوْنِ اللهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُوْلُوْنَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللهِ قُلْ أَتُنَبِّئُوْنَ اللهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُوْنَ} (يُوْنُس:18).

3) أَنَّ إِثْبَاتَ الشَّفَاعَةِ لَا يَعْنِي إِثْبَاتَ النَّفْعِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنَّاسِ - مِنْ جِهَةِ أَمْرِ الجَنَّةِ وَالنَّارِ طَبْعًا؛ وَمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلَّا اللهُ -، وَإِنَّمَا هُوَ سَبَبٌ جَعَلَهُ اللهُ لِرَحْمَةِ مَنْ رَضِيَ عَنْهُ، وَتَأَمَّلْ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنَتِهِ (يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ رَسُوْلِ اللهِ: سَلِيْنِي بِمَا شِئْتِ؛ لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (?)

وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ تَعَالَى {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} (النَّجْم:26)، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى أَيْضًا {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} (آلِ عِمْرَان:128).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015