- قَوْلُهُ (ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ): أَيْ: هَزًّا حَقِيْقِيًّا، فَيَظْهَرُ فِيْهِ لِلعِبَادِ فِي ذَلِكَ المَوْقِفِ عَظَمَتُهُ تَعَالَى وَقُدْرَتُهُ، وَفِي الحَدِيْثِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ - يَقُوْلُ: (يَأْخُذُ الجَبَّارُ سَمَاوَاتِهِ وَأَرْضَهُ بِيَدِهِ - وَقَبَضَ بِيَدِهِ فَجَعَلَ يَقْبِضُهَا وَيَبْسُطُهَا - ثُمَّ يَقُوْلُ: أَنَا الجَبَّارُ، أَيْنَ الجَبَّارُوْنَ؟ أَيْنَ المُتَكَبِّرُوْنَ؟) قَالَ: وَيَتَمَيَّلُ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ يَمِيْنِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى المِنْبَرِ يَتَحَرَّكُ مِنْ أَسْفَلِ شَيْءٍ مِنْهُ؛ حَتَّى إِنِّي أَقُوْلُ: أَسَاقِطٌ هُوَ بِرَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ (?)

- قَوْلُهُ (أَنَا المَلِكُ): أَيْ: أَنَّهُ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ لَا مُلْكَ لِأَحَدٍ سِوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ هُمْ بَارِزُوْنَ لَا يَخْفَى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ المُلْكُ اليَوْمَ لِلَّهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ} (غَافِر:16)، وَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَقَدْ جَعَلَ اللهُ مِنَ النَّاسِ مُلُوْكًا عَلَى مَا اسْتَخْلَفَهُم فِيْهِ (?)، وَمُلْكُهُم قَاصِرٌ وَلَا رَيْبَ (?)، وَأَمَّا مُلْكُ اللهِ تَعَالَى تَامٌّ، وَلَكِنَّ اللهَ تَعَالَى فِي الآخِرَةِ يَحْشُرُ النَّاسَ جَمِيْعًا حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا (?)؛ فَيَظْهَرُ فِيْهِ بِشَكْلٍ بَيِّنٍ - لَا خَفَاءَ فِيْهِ عَلَى أَحَدٍ وَلَا اسْتِكْبَارَ - كَمَالُ مُلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ تَعَالَى. (?)

- قَوْلُهُ (أَيْنَ الجَبَّارُونَ؟): الاسْتِفْهَامُ هُنَا لِلتَّحَدِّي وَالتَّوْبِيْخِ؛ فَيَقُوْلُ: أَيْنَ المُلُوْكُ الَّذِيْنَ كَانُوا فِي الدُّنْيَا لَهُم السُّلْطَةُ وَالتَّجَبُّرُ وَالتَّكَبُّرُ عَلَى عِبَادِ اللهِ؟ وَفِي ذَلِكَ الوَقْتِ يُحْشَرُ أُوْلَئِكَ أَمْثَالَ الذَّرِّ يَطَؤُهُمُ النَّاسُ بِأَقْدَامِهِم، كَمَا فِي الحَدِيْثِ (يُحْشَرُ المُتَكَبِّرُوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ في صُوَرِ الرِّجَالِ؛ يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، يُسَاقُوْنَ إِلَى سِجْنٍ في جَهَنَّمَ يُسَمَّى بُولُسَ، تَعْلُوهُمْ نَارُ الأَنْيَارِ، يُسْقَوْنَ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ؛ طِينَةِ الخَبَالِ) (?)، وذَلكَ مُعَامَلَةً لَهُم بِنَقيْضِ قَصْدِهِم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015