المسألة العاشرة) ألا يكون إبقاء التماثيل التي هي على هيئة ذي روح جائزا من باب حماية الآثار التاريخية والتراث الإنساني، وألم يترك الصحابة رضي الله عنهم أهرا

- المَسْأَلَةُ العَاشِرَةُ) أَلَا يَكُوْنُ إِبْقَاءُ التَّمَاثِيْلِ الَّتِيْ هِيَ عَلَى هَيْئَةِ ذِي رَوْحٍ جَائِزًا مِنْ بَابِ حِمَايَةِ الآثَارِ التَّارِيْخِيَّةِ وَالتُّرَاثِ الإِنْسَانِيِّ، وَأَلَمْ يَتْرِكِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم أَهْرَامَاتِ الفَرَاعِنَةَ وَفِيْهَا تَمَاثِيْلُ الأَشْخَاصِ كَـ (أَبِي الهَوْلِ)؟

الجَوَابُ: لَا؛ لَيْسَ بِجَائِزٍ، وَذَلِكَ مِنْ أَوْجُهٍ:

1) عُمُوْمُ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ (لَا تَدَعَ صُوْرَة إِلَّا طَمَسْتَهَا وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا؛ إِلَّا سَوَّيْتَهُ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ. (?)

قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: (وَأَجْمَعُوا عَلَى مَنْعِ مَا كَانَ لَهُ ظِلٌّ, وَوُجُوْبِ تَغْيِيْرِهِ). (?)

2) أَنَّهُ عَلَى فَرْضِ أَهَمِّيَّةِ هَذِهِ الآثَارِ؛ فَإِنَّ سَدَّ ذَرَائِعِ الشِّرْكِ أَوْلَى، لَا سِيَّمَا وَالحَالُ اليَوْمَ ظَاهِرٌ فِي بُعْدِ المُسْلِمِيْنَ عَنْ دِيْنِهِم. (?)

وَأَمَّا التَّعْلِيْلُ بِكَوْنِ هَذِهِ التَّمَاثِيْلِ مِنَ التُّرَاثِ الإِنْسَانِيِّ؛ فَهَذَا كَلَامٌ لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ، فَإِنَّ اللَّاتَ وَالعُزَّى وَهُبَلَ وَمَنَاةَ وَغَيْرَهَا مِنَ الأَصْنَامِ كَانَتْ تُرَاثًا لِمَنْ يَعْبُدُهَا مِنَ العَرَبِ مِنْ أَهْلِ قُرَيْشٍ وَالجَزِيْرَةِ، وَهُوَ تُرَاثٌ، لَكِنَّهُ تُرَاثٌ مُحَرَّمٌ تَجِبُ إِزَالَتُهُ، فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللهِ وَرَسُوْلِهِ فَالمُؤْمِنُ يُبَادِرُ إِلَى الامْتِثَالِ وَلَا يَرُدُّ أَمْرَ اللهِ وَرَسُوْلِهِ بِمِثْلِ هَذِهِ الحُجَجِ الوَاهِيَةِ، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ المُؤْمِنِيْنَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُوْلُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُوْنَ} (النُّوُر:51).

قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيْرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي التَّفْسِيْرِ (?): (وَقَدْ رُوِّيْنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ أَنَّهُ لَمَّا وَجَدَ قَبْرَ دَانْيَال - فِي زَمَانِهِ بِالعِرَاقِ - أَمَرَ أَنْ يُخْفَى عَنِ النَّاسِ). (?)

3) أَنَّ هَذِهِ التَّمَاثِيْلَ - كَأَبِي الهَوْلِ مَثَلًا - لَيْسَ هُنَاكَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مُشَاهَدَةً مَعْلُوْمَةً مِنْ قِبَلِ الصَّحَابَةِ، وَقَدْ سُئِلَ المُؤَرِّخُ الزِّرِكْلِيُّ عَنِ الأَهْرَامِ وَأَبِي الهَوْلِ وَنَحْوِهَا: هَلْ رَآهُ الصَّحَابَةُ الَّذِيْنَ دَخَلُوا مِصْرَ؟ فَقَالَ: (كَانَ أَكْثَرُهَا مَغْمُوْرًا بِالرِّمَالِ، وَلَا سِيَّمَا أَبَا الهَوْلِ). (?)

4) عَلَى فَرْضِ أَنَّهَا كَانَتْ مَعْلُوْمَةً مُشَاهَدَةً مِنْ قِبَلِهِم؛ فَهَلْ يَسْتَطِيْعُوْنَ إِزَالَتَهَا وَهَدْمَهَا؟

فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ بَطُّوْطَة فِي رِحْلَتِهِ (17/ 1) أَنَّ الخَلِيْفَةَ المَأْمُوْنَ حَاوَلَ تَدْمِيْرَ الأَهْرَامِ وَضَرَبَهَا بِالمنْجَنِيْقِ وَلَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ إِلَّا فِي إِحْدَاثِ ثُلْمٍ فِيْهَا. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015