2) قَدْ جَاءَ تَحْرِيْمُ بَعْضٍ مِمَّا سَلَفَ مِنَ الأَمْثِلَةِ الَّتِيْ فِيْهَا الامْتِهَانُ؛ وَلَمْ يُقِرَّهَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا فِي صَحِيْحِ البُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا؛ أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً (?) فِيْهَا تَصَاوِيْرٌ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالبَابِ؛ فَلَمْ يَدْخُلْ، فَقُلْتُ: أَتُوْبُ إِلَى اللهِ مِمَّا أَذْنَبْتُ، قَالَ: (مَا هَذِهِ النُّمْرُقَةُ؟) قُلْتُ: لِتَجْلِسَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا، قَالَ: (إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ يُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ، وَإِنَّ المَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيْهِ الصُوْرَةُ). (?)
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي) (?): (وَظَاهِرُ حَدِيْثَيْ عَائِشَةَ - هَذَا وَالَّذِيْ قَبْلَهُ - التَّعَارُضُ، لِأَنَّ الَّذِيْ قَبْلَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ السِّتْرَ الَّذِيْ فِيْهِ الصُوْرَةُ بَعْدَ أَنْ قُطِعَ وَعُمِلَتْ مِنْهُ الوِسَادَةُ؛ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ أَصْلًا! وَقَدْ أَشَارَ المُصَنِّفُ إِلَى الجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ اتِّخَاذِ مَا يُوطَأُ مِنَ الصُّوَرِ جَوَازُ القُعُوْدِ عَلَى الصُوْرَةِ، فَيَجُوْزُ أَنْ يَكُوْنَ اسْتَعْمَلَ مِنَ الوِسَادَةِ مَا لَا صُوْرَة فِيْهِ، وَيَجُوْزُ أَنْ يَكُوْنَ رَأَى التَّفْرِقَةَ بَيْنَ القُعُودِ وَالِاتِّكَاءِ وَهُوَ بَعِيْدٌ، وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الحَدِيْثَيْنِ بِأَنَّهَا لَمَّا قَطَعَتِ السِّتْرَ وَقَعَ القَطْعُ فِي وَسَطِ الصُوْرَةِ مَثَلًا؛ فَخَرَجَتْ عَنْ هَيْئَتِهَا؛ فَلِهَذَا صَارَ يَرْتَفِقُ بِهَا، وَيُؤَيِّدُ هَذَا الجَمْعَ الحَدِيْثُ الَّذِيْ فِي البَابِ قَبْلَهُ فِي نَقْضِ الصُّوَرِ). (?)
وَقَالَ أَيْضًا رَحِمَهُ اللهُ - عِنْدَ شَرْحِ بَابِ نَقْضِ الصُّوَرِ (?) -: (وَالَّذِيْ يَظْهَرُ أَنَّهُ اسْتَنْبَطَ مِنْ نَقْضِ الصَّلِيْبِ نَقْضَ الصُوْرَةِ الَّتِيْ تَشْتَرِكُ مَعَ الصَّلِيْبِ فِي المَعْنَى؛ وَهُوَ عِبَادَتُهُمَا مِنْ دُوْنِ اللهِ، فَيَكُوْنُ المُرَادُ بِالصُّوَرِ فِي التَّرْجَمَةِ خُصُوْصَ مَا يَكُوْنُ مِنْ ذَوَاتِ الأَرْوَاحِ، بَلْ أَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ).