- النَّاسُ فِي القَدَرِ ثَلَاثُ طَوَائِفَ:
1) الجَبْرِيَّةُ الجَهْمِيَّةُ: أَثْبَتُوا قَدَرَ اللهِ تَعَالَى وَغَلَوا فِي إِثْبَاتِهِ حَتَّى سَلَبُوا العَبْدَ اخْتِيَارَهُ وَقُدْرَتَهُ، وَقَالُوا: لَيْسَ لِلعَبْدِ اخْتِيَارٌ وَلَا قُدْرَةٌ فِي مَا يَفْعَلُهُ أَوْ يَتْرُكَهُ.
2) القَدَرِيَّةُ المُعْتَزِلَةُ: أَثْبَتُوا لِلعَبْدِ اخْتِيَارًا وَقُدْرَةً فِي عَمَلِهِ وَغَلَوا فِي ذَلِكَ حَتَّى نَفَوا أَنْ يَكُوْنَ للهِ تَعَالَى فِي عَمَلِ العَبْدِ مَشِيْئَةٌ أَوْ خَلْقٌ، وَنَفَى غُلَاتُهُم عِلْمَ اللهِ بِهِ قَبْلَ وُقُوْعِهِ.
3) أَهْلُ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ: وَهُمُ الطَّائِفَةُ الوَسَطُ الَّذِيْنَ جَمَعُوا بَيْنَ الأَدِلَّةِ وَسَلَكُوا فِي طَرِيْقِهِم خَيْرَ مِلَّةٍ; فَآمَنُوا بِقَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ؛ وَبِأَنَّ لِلعَبْدِ اخْتِيَارًا وَقُدْرَةً وَمَشِيْئَةً، لَكِنَّ مَشِيْئَتَهُ مَرْبُوطَةٌ بِمَشِيْئَةِ اللهِ تَعَالَى; كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيْمَ وَمَا تَشَاءُوْنَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ العَالَمِيْنَ} (التَّكْوِيْر:29).
- إِنَّ حُكْمَ ابْنِ عُمَرَ عَلَى مُنْكِرِي القَدَرِ بِأَنَّ نَفَقَاتِهِم غُيْرُ مَقْبُوْلَةٍ يَسْتَوْجِبُ تَكْفِيْرَهُم عِنْدَهُ؛ وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُوْلِهِ} (التَّوْبَة:54)، وَإِيْرَادُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لِحَدِيْثِ جِبْرِيْلَ يُرِيْدُ بِهِ أَنَّ الإِيْمَانَ لَا يُقْبَلُ حَتَّى يُؤْمَنَ بِالقَدَرِ. (?)
وَفِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ يُخَاصِمُوْنَ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي القَدَرِ؛ فَنَزَلَتْ {يَوْمَ يُسْحَبُوْنَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوْهِهِمْ ذُوْقُوا مَسَّ سَقَرَ، إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (القَمَر:49). (?)
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرو بْنِ العَاصِ: (نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {إِنَّ المُجْرِمِيْنَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ} (القَمَر:47) فِي أَهْلِ القَدَرِ). (?)
- قَوْلُهُ (تُؤْمِنَ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ): هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَجِدُهُ الإِنْسَانُ, أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِفِعْلِ اللهِ جَلَّ وَعَلَا فَاللهُ تَعَالَى أَفْعَالُهُ كُلُّهَا خَيْرٌ, لِأَنَّهَا مُوَافِقَةٌ لِحِكْمَتِهِ (?) , وَفي الحَدِيْثِ (والشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ) (?)، وَمِثَالُهُ هُوَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيْقَهُمْ بَعْضَ الَّذِيْ عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُوْنَ} (الرُّوْم:41). (?)