- قَوَاعِدُ فِي صِفَاتِ اللهِ تَعَالَى:

1) صِفَاتُ اللهِ تَعَالَى كُلُّهَا صِفَاتُ كَمَالٍ؛ لَا نَقْصَ فِيْهَا بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوْهِ:

كَالحَيَاةِ وَالعِلْمِ وَالقُدْرَةِ وَالسَّمْعِ وَالبَصَرِ وَالرَّحْمَةِ وَالعِزَّةِ وَالحِكْمَةِ وَالعُلُوِّ وَالعَظَمَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى هَذَا السَّمْعُ (?) وَالعَقْلُ وَالفِطْرَةُ.

قَالَ تَعَالَى: {لِلَّذِيْنَ لَا يُؤْمِنُوْنَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ المَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ العَزِيْزُ الحَكِيْمُ} (النَّحْل:60)، وَالمَثَلُ الأَعْلَى هُوَ الوَصْفُ الأَعْلَى.

وَإِذَا كَانَتِ الصِّفَةُ كَمَالًا فِي حَالٍ، وَنَقْصًا فِي حَالٍ؛ لَمْ تَكُنْ جَائِزَةً فِي حَقِّ اللهِ وَلَا مُمْتَنِعَةً عَلَى سَبِيْلِ الإِطْلَاقِ، فَلَا تُثْبَتُ لَهُ إِثْبَاتًا مُطْلَقًا، وَلَا تُنْفَى عَنْهُ نَفْيًا مُطْلَقًا بَلْ لَابُدَّ مِنَ التَّفْصِيْلِ، فَتَجُوْزُ فِي الحَالِ الَّتِيْ تَكُوْنُ كَمَالًا، وَتَمْتَنِعُ فِي الحَالِ الَّتِيْ تَكُوْنُ نَقْصًا، وَذَلِكَ كَالمَكْرِ وَالكَيْدِ وَالخِدَاعِ وَنَحْوِهَا.

فَهَذِهِ الصِّفَاتُ تَكُوْنُ كَمَالًا إِذَا كَانَتْ فِي مُقَابَلَةِ مَنْ يُعَامِلُوْنَ الفَاعِلَ بِمِثْلِهَا، لِأَنَّهَا حِيْنَئِذٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ فَاعِلَهَا قَادِرٌ عَلَى مُقَابَلَةِ عَدُوِّهِ بِمِثْلِ فِعْلِهِ أَوْ أَشَدَّ، وَتَكُوْنَ نَقْصًا فِي غَيْرِ هَذِهِ الحَالِ، وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهَا اللهُ تَعَالَى مِنْ صِفَاتِهِ عَلَى سَبِيْلِ الإِطْلَاقِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا فِي مُقَابَلَةِ مَنْ يُعَامِلُوْنَهُ وَرُسَلَهُ بِمِثْلِهَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللَّهُ خَيْرُ المَاكِرِيْنَ} (الأَنْفَال:30)، وَقَوْلِهِ {إِنَّهُمْ يَكِيْدُوْنَ كَيْدًا وَأَكِيْدُ كَيْدًا} (الطّارق:16)، وَقَوْلِهِ {إِنَّ المُنَافِقِيْنَ يُخَادِعُوْنَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} (النِّسَاء:142)، وَقَوْلِهِ {قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُوْنَ، اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} (البَقَرَة:15). (?)

2) بَابُ الصِّفَاتِ أَوْسَعُ مِنْ بَابِ الأَسْمَاءِ:

وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ اسْمٍ مُتَضَمِّنٌ لِصِفَةٍ - كَمَا سَبَقَ فِي القَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ قَوَاعِدِ الأَسْمَاءِ -، وَلِأَنَّ مِنَ الصِّفَاتِ مَا يَتَعَلَّقُ بِأَفْعَالِ اللهِ تَعَالَى، وَأَفْعَالُهُ لَا مُنْتَهَى لَهَا.

وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ: أَنَّ مِنْ صِفَاتِ اللهِ تَعَالَى المَجِيْءُ وَالإِتْيَانُ وَالأَخْذُ وَالإِمْسَاكُ وَالبَطْشُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الصِّفَاتِ الَّتِيْ لَا تُحْصَى كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَجَاءَ رَبُّك} (الفَجْر:22)، وَقَالَ: {هَلْ يَنْظُرُوْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الغَمَامِ} (البَقَرَة:210)، فَنَصِفُ اللهَ تَعَالَى بِهَذِهِ الصِّفَاتِ عَلَى الوَجْهِ الوَارِدِ - وَلَا نُسَمِّيْهِ بِهَا - فَلَا نَقُوْلُ: إِنَّ مِنْ أَسْمَائِهِ الجَائِي وَالآتِي وَالآخِذِ وَالمُمْسِكِ وَالبَاطِشِ وَالمُرِيْدِ وَالنَّازِلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ - وَإِنْ كُنَّا نُخْبِرُ بِذَلِكَ عَنْهُ وَنَصِفُهُ بِهَا -. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015