- إَنَّ تَأْوِيْلَ المُعطِّلَةِ لِصَفَةِ الرَّحْمَةِ أَخْطَرُ مِنْ جَحْدِ المُشْرِكِيْنَ لِاسْمِ الرَّحْمَنِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ المُشْرِكِيْنَ أَنْكَرُوا الاسْمَ فَقَطْ وَلَمْ يُنْكِروا المَعْنَى؛ بِخِلَافِ المُعَطِّلَةِ فَهُم أَنْكَرُوا حَقِيْقَةَ المَعْنَى - وَإِنْ أَثْبَتُوا الاسْمَ - وَلَا يَخْفَى أَنَّ المَقْصُوْدَ مِنَ الاسْمِ مَعْنَاهُ وَلَيْسَ مُجَرَّدَ لَفْظِهِ، فَأَسْمَاءُ اللهِ تَعَالَى أَعْلَامٌ وَأَوْصَافٌ. (?)
- الجَحْدُ: هُوَ الإِنْكَارُ، وَالإِنْكَارُ نَوْعَانِ:
1) إِنْكَارُ تَكْذِيْبٍ: وَهَذَا كُفْرٌ مُخْرِجٌ عَنِ المِلَّةِ، فَلَو أَنَّ أَحَدًا أَنْكَرَ اسْمًا مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ أَوْ صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ الثَّابِتَةِ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ مِثْلَ أَنْ يَقُوْلَ: لَيْسَ للهِ يَدٌ، أَوْ أَنَّ اللهَ لَمْ يَسْتَوِ عَلَى عَرْشِهِ، أَوْ لَيْسَ لَهُ عَيْنٌ، فَهُوَ كَافِرٌ بِإِجْمَاعِ المُسْلِمِيْنَ.
2) إِنْكَارُ تَأْوِيْلٍ: وَهُوَ أَنْ لَا يُنْكِرَهَا وَلَكِنْ يَتَأَوَّلُهَا إِلَى مَعْنَىً يُخَالِفُ ظَاهِرَهَا، فَهَذَا نَوْعَانِ:
أ) أَنْ يَكُوْنَ لِلتَّأْوِيْلِ مُسَوِّغٌ فِي اللُّغَةِ العَرَبيَّةِ، فَهَذَا لَا يُوْجِبُ الكُفْرَ - وَإِنْ كَانَ مُخْطِئًا فِي ذَلِكَ -.
ب) أَنْ لَا يَكُوْنَ لهُ مُسَوِّغٍ فِي اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ، فَهَذَا حُكْمُهُ الكُفْرُ، لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مُسَوِّغٌ صَارَ فِي الحَقِيْقَةِ تَكْذِيْبًا؛ مِثْلَ أَنْ يَقُوْلَ: المُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} (القَمَر:14) أَيْ: تَجْرِي بِأَرَاضِيْنَا! فَهَذَا كَافِرٌ لِأَنَّه نَفَاهَا نَفْيًا مُطْلَقًا، فَهُوَ مُكَذَّبٌ.
وَلَوْ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوْطَتَانِ} (المَائِدَة:64) المُرَادُ بِيَدَيْهِ: السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ! فَهُوَ كُفْرٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّه لَا مُسَوِّغَ لَهُ فِي اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ، لَكِنْ إِنْ قَالَ: المُرَادُ بِاليَدِ النِّعْمَةُ أَوِ القُوَّةُ، فَلَا يَكْفُرُ؛ لِأَنَّ اللُّغَةَ تَحْتَمِلُهَا. (?)
- قَوْلُهُ تَعَالَى {وَإِلَيْهِ مَتَابِ}: أَيْ: وَإِلَيْهِ مَرْجِعِي وَأَوْبَتِي. (?)
وَالتَّوْبَةُ الَّتِيْ لَا تَكُوْنُ إِلَّا للهِ هِيَ تَوْبَةُ العِبَادَةِ - كَمَا فِي هَذِهِ الآيَةِ - وَأَمَّا التَّوْبَةُ - الَّتِيْ هِيَ بِمَعْنَى الرُّجُوْعِ - فَإِنَّهَا تَكُوْنُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا حِيْنَ جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمِ فَوَجَدَ نُمْرُقَةً (وِسَادَةً) فِيْهَا صُوَرٌ، فَوَقَفَ بِالبَابِ وَلَمْ يَدْخُلْ، فَقَالَتْ: (أَتُوْبُ إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ). (?) (?)