الشَّرْحُ

- مُنَاسَبَةُ هَذَا البَابِ لِكِتَابِ التَّوْحِيْدِ أَنَّهُ مُشَابِهٌ لِلبَابِ السَّابِقِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ العَامِلَ فِيْهِ يُرِيْدُ بِعَمَلِهِ الثَّوَابَ العَاجِلَ - كَالرِّزْقِ وَالعَافِيَةِ وَالأَمَانِ وَالذُّرِّيَّةِ -، وَلَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِلبَابِ السَّابِقِ فِي أَنَّ العَامِلَ هُنَا عَمَلُهُ هُوَ لِوَجْهِ اللهِ وَلَيْسَ رِيَاءً، وَأَمَّا البَابُ السَّابِقُ فَعَمَلُهُ هُوَ لِمُرَاءَاةِ النَّاسِ، وَاشْتَرَكوا فِي كَوْنِ الغَايَةِ من عَمَلِهِم هِيَ المَصْلَحَةُ العَاجِلَةُ فَقَط. (?)

- مَنْ كَانَ عَمَلُهُ كُلُّهُ لِلأَجْرِ العَاجِلِ وَالثَّوَابِ الدُّنْيَوِيِّ ولَا يَرْجُو الآخِرَةِ أَبَدًا؛ فَهَذَا هُوَ الكَافِرُ الكُفْرَ الأَكْبَرَ (?)، وَسَبَبُ ذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى عَدَمِ إِيْمَانِهِ بِاليَوْمِ الآخِرِ؛ وَأَنَّ فِيْهِ الجَزَاءَ وَالثَّوَابَ وَالجنَّةَ وَالنَّارَ، وَهَذَا يُنَاقِضُ أَصْلَ التَّوْحِيْدِ، وَمَنْ فَعَلَ فِعْلَهُ مِنَ المُسْلِمِيْنَ فَفِيْهِ خَصْلَةٌ مِنَ الكُفْرِ حتَّى يَدَعَهَا (?)، وَهُوَ بِذَلِكَ يُنَاقِضُ كَمَالَ التَّوْحِيْدِ الوَاجِبِ، فَهُوَ يُرِيْدُ بِعَمَلِهِ نَفْعًا فِي الدُّنْيَا وَلَكِنَّهُ غَافِلٌ عَنْ ثَوَابِ الآخِرَةِ. (?)

- مَنْ عَمِلَ عَمَلًا مُخْلِصًا فِيْهِ للهِ رَاجِيًا بِذَلِكَ الثَّوَابَ العَاجِلَ؛ فَإِنَّهُ قَدْ يُؤْجَرُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَلَوْ كَانَ كَافِرًا. (?)

وَفِي الحَدِيْثِ (إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مُؤْمِنًا حَسَنَةً؛ يُعْطَى بِهَا فِي الدُّنْيَا وَيُجْزَى بِهَا فِي الآخِرَةِ، وَأَمَّا الكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتِ مَا عَمِلَ بِهَا لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا؛ حَتَّى إِذَا أَفْضَى إِلَى الآخِرَةِ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بِهَا). (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015