- الرِّيَاءُ حَقِيْقَتُهُ مِنَ الرُّؤيَةِ البَصَرِيَّةِ، وَيَكُوْنُ أَيْضًا مِنَ السَّمْعِ؛ فَيُسَمَّى سُمْعَةً، كَمَا فِي الحَدِيْثِ (مَن سَمَّع سَمَّعَ اللهُ به، وَمَنْ رَاءَى رَاءَى اللهُ بِهِ). (?)
- الرِّيَاءُ هُوَ شِرْكٌ أَصْغَرٌ، وَهُوَ أَيْضًا شِرْكٌ خَفيٌّ،
فَهُوَ أَصْغَرٌ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَيْسَ بِأَكْبَرَ، أَيْ: لَيْسَ فَاعِلُهُ كَافِرًا بِاللهِ تَعَالَى خَارِجًا عَنِ المِلَّةِ.
وَهُوَ شِرْكٌ خَفِيٌّ (?) بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّه يُخَالِطُ نِيَّةَ العَبْدِ وَلَيْسَ عَمَلَهُ. (?)
- أَنْوَاعُ الرِّيَاءِ: (?)
1) رِيَاءُ المُنَافِقِيْنَ: بِأَنْ يُظْهِرَ الإِسْلَامَ وَيُبْطِنَ الكُفْرَ، فَالرِّيَاءُ هَذَا هُوَ فِي أَصْلِ الدِّينِ.
وَهَذَا مِنَافٍ لِلتَّوْحِيْدِ مِنْ أَصْلِهِ، وكُفْرٌ أَكْبَرٌ بِاللهِ جَلَّ جَلَالُهُ، وَقَدْ وَصَفَ اللهُ المُنَافِقِيْنَ بِقَوْلِهِ {يُرَاءُوْنَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُوْنَ اللهَ إِلَّا قَلِيْلًا} (النِّسَاء:142).
2) رِيَاءُ المُسْلِمِ (أَي الَّذِيْ قَدْ يَصْدُرُ مِنَ المُسْلِمِ): بِأَنْ يَكُوْنَ الرَّجُلُ مُسْلِمًا، وَلَكِنَّهُ يُرَائِي بِبَعْضِ عَمَلِهِ، فَهَذَا شِرْكٌ خَفِيٌّ، وَهُوَ مُنافٍ لِكَمَالِ التَّوْحِيْدِ الوَاجِبِ، لِأَنَّه لَيْسَ فِي أَصْلِ تَديُّنِهِ؛ وَعَلَيْهِ حَدِيْثُ البَابِ. وَقَدْ سَبَقَ فِي بَابِ (الخَوفِ مِنَ الشِّرْكِ) بَيَانُ أَنَّهُ مِنَ الشِّرْكِ الأَصْغَرِ. (?)
- سَبَبُ كَوْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْشَى عَلَى أَصْحَابِهِ مِنَ الشِّركِ الخَفِيِّ أَكْثَرَ مِنَ المَسِيْحِ الدَّجَّالِ رُغْمَ عِظَمِ فِتْنَتِهِ؛ هُوَ أَنَّ هَذَا النَّوعَ مِنَ الشِّرْكِ خَفيٌّ لَيْسَ بِظَاهِرٍ، وَيَعْرِضُ لِلعُبَّادِ فِي عِبَادَتِهِم، أَمَّا المَسِيْحُ الدَّجَّالُ؛ فَإِنَّ أَمْرَهُ ظَاهِرٌ، وَذَلِكَ لِمَا جَاءَ فِي حَقِّهِ مِنَ النُّصُوْصِ، لِذَلِكَ كَانَ أَكْثَرَ شِيْعَتَهِ هُمْ مِمَّن لَا عِلْمَ عِنْدَهُم.
- إِنَّ اسْتِدْلَالَ المُصَنِّفِ هُنَا هُوَ منِ بَابِ الأَوْلَى، حَيْثُ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ لَمْ يَأْمَنْ عَلَى أَصْحَابِهِ مِنَ الرِّيَاءِ؛ فَغَيْرُهُم - مِمَّنْ هُم أَقَلُّ عِلْمًا وَصَلَاحًا - هُمْ مِنْ بَابِ أَوْلَى.