- فَائِدَة 1) قَدْ أَوْرَدَ بَعْضُهُم هُنَا حَدِيْثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَإِنِّيْ وَاللهِ مَا أَخَافُ علَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِيْ، وَلَكِنِّيْ أَخَافُ علَيْكُمُ الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوا فِيْهَا) (?)، فَظَاهِرُهُ عَدَمُ الخَوْفِ مِنَ الوُقُوْعِ فِي الشِّرْكِ، وَإِنَّمَا فَقَط مِنَ التَّنَافُسِ فِي الدُّنْيَا!! وَلَا يَصِحُّ هَذَا التَّوْجِيْهُ، وَالجَوَابُ عَلَيْهِ هُوَ فِي قَوْلِ الحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِيْ) (?): (قَوْلُهُ (وَإِنِّيْ وَاللهِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِيِ): أَيْ: عَلَى مَجْمُوْعِكُم، لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ وَقَعَ مِنَ البَعْضِ أَعَاذَنَا اللهُ تَعَالَى). (?)
- فَائِدَة 2) فِي التَّخلُّصِ مِنَ الشِّرْكِ بِنَوْعَيْهِ الأَكْبَرِ وَالأَصْغَرِ:
عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ؛ قَالَ: انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: (يَا أَبَا بَكْرٍ، لَلشِّرْكُ فِيْكُمْ أَخْفَى مِنْ دَبِيْبِ النَّمْلِ)، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَلِ الشِّرْكُ إِلَّا مَنْ جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَالَّذِيْ نَفْسِي بِيَدِهِ، لَلشِّرْكُ أَخْفَى مِنْ دَبِيْبِ النَّمْلِ، أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى شَيْءٍ إِذَا قُلْتَهُ ذَهَبَ عَنْكَ قَلِيْلُهُ وَكَثِيْرُهُ؟) قَالَ: (قُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوْذُ بِكَ أَنْ أُشْرِكَ بِكَ وَأَنَا أَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لَا أَعْلَمُ). (?)
- فَائِدَة 3) قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عِنْدَ حَدِيْثِ جَابِرٍ (?): - بَابُ الدَّلِيْلِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا دَخَلَ الجَنَّةَ -: (فَأَمَّا دُخُوْلُ المُشْرِكِ النَّارَ فَهُوَ عَلَى عُمُوْمِهِ، فَيَدْخُلُهَا وَيَخْلُدُ فِيْهَا، وَلَا فَرْقَ فِيْهِ بَيْنَ (الكِتَابِيِّ اليَهُوْدِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ)، وَبَيْنَ (عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَسَائِرِ الكَفَرَةِ)، وَلَا فَرْق عِنْدَ أَهْلِ الحَقِّ بَيْنَ (الكَافِر عِنَادًا وَغَيْرهِ)؛ وَلَا بَيْن (مَنْ خَالَفَ مِلَّة الإِسْلَامِ) وَبَيْنَ (مَنِ انْتَسَبَ إِلَيْهَا؛ ثُمَّ حُكِمَ بِكُفْرِهِ بِجَحْدِهِ مَا يَكْفُر بِجَحْدِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ). وَأَمَّا دُخُوْلُ مَنْ مَاتَ غَيْرَ مُشْرِكٍ الجَنَّةَ؛ فَهُوَ مَقْطُوعٌ لَهُ بِهِ، لَكِنْ إِنْ لَمْ يَكُنْ (صَاحِبَ كَبِيْرَةٍ مَاتَ مُصِرًّا عَلَيْهَا) دَخَلَ الجَنَّةَ أَوَّلًا، وَإِنْ كَانَ (صَاحِبَ كَبِيْرَةٍ مَاتَ مُصِرًّا عَلَيْهَا) فَهُوَ تَحْتَ المَشِيْئَةِ، فَإِنْ عُفِيَ عَنْهُ دَخَلَ أَوَّلًا وَإِلَّا عُذِّبَ، ثُمَّ أُخْرِجَ مِنَ النَّارِ، وَخُلِّدَ فِي الجَنَّةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ). (?)
- فَائِدَة 4) قَوْلُ المُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللهُ فِي المَسْأَلَةِ العَاشِرَةِ: (فِيْهِ تَفْسِيْرُ (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ) كَمَا ذَكَرَهُ البُخَارِيُّ)؛ يَقْصُدُ بِهِ أَنَّ البُخَارِيِّ رَحِمَهُ اللهُ بَوَّبَ عَلَى حَدِيْثِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ السَّابِقِ فِي الصَّحِيْحِ (بَابُ قَوْلِهِ {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذْ مِنْ دُوْنِ اللهِ أَنْدَادًا يُحِبُّوْنَهُم كَحُبِّ اللهِ} (البَقَرَة:165)، فَكَانَ هَذَا الحَدِيْثُ عِنْدَهُ مُفَسِّرًا لِلتَّرْجَمَةِ فِي مَعْنَى اتِّخَاذِ الأَنْدَادِ، وَأَنَّ المَحَبَّةَ مَعَ اللهِ هِيَ مِنَ الشِّرْكِ.