- المَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) إِذَا كَانَتِ الطِّيَرَةُ مَنْفِيَّةً، فَمَا الجَوَابُ عَنْ حَدِيْثِ (الشُّؤْمُ فِي المَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالفَرَسِ)؟ (?)

الجَوَابُ مِنْ أَوْجُهٍ:

1) مِنْ جِهَةِ صِحَّةِ الحَدِيْثِ: فَالصَّوَابُ هُوَ (إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ فَفِي الدَّارِ وَالمَرْأَةِ وَالفَرَسِ)، وَأَمَّا الحَدِيْثُ مَوْضُوْعُ السُّؤَالِ فَهُوَ تَصَرُّفٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ يَظْهَرُ بِمَا يَلِي:

أ) مُخَالَفَتُهُ لِأَحَادِيْثِ البَابِ الصَّرِيْحَةِ بِكَوْنِ الطِّيَرَةِ شِرْكٌ.

ب) أَنَّ الحَدِيْثَ التَّالِي لَهُ فِي صَحِيْحِ البُخَارِيِّ هُوَ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عُمَر وَلَكِنَّهُ بِلَفْظِ (إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ؛ فَفِي الدَّارِ وَالمَرْأَةِ وَالفَرَسِ). (?)

ج) دَعْوَى أَنَّ الشُّؤمَ هُوَ فِي المَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالمَسْكَنِ هُوَ عَقِيْدَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، كَمَا فِي الحَدِيْثِ (دَخَلَ رَجُلَانِ مِنْ بَنِي عَامِرٍ عَلَى عَائِشَةَ، فَأَخْبَرَاهَا أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (الطِّيَرَةُ فِي الدَّارِ وَالمَرْأَةِ وَالفَرَسِ). فَغَضِبَتْ، وَطَارَتْ شِقَّةٌ مِنْهَا فِي السَّمَاءِ، وَشِقَّةٌ فِي الأَرْضِ (?)، وَقَالَتْ: وَالَّذِيْ أَنْزَلَ الفُرْقَانَ عَلَى مُحَمَّدٍ؛ مَا قَالَهَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ، إِنَّمَا قَالَ: (كَانَ أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ يَتَطَيَّرُوْنَ مِنْ ذَلِكَ)). (?)

د) أَنَّهُ قَدْ جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُعَارِضُهُ وَهُوَ (لَا شُؤْمَ، وَقَدْ يَكُوْنُ اليُمْنُ فِي الدَّارِ وَالمَرْأَةِ وَالفَرَسِ). (?)

2) مِنْ جِهَةِ فِقْهِ الحَدِيْثِ - عَلَى فَرْضِ ثُبُوْتِهِ -: أَنَّ الشَّؤْمَ هُنَا لَيْسَ بمَعْنَى الطِّيَرَةِ الشِّركيَّةِ، وَلَكِنَّهُ بِمَعْنَى السَّبَبِ القَدَريِّ فِي حُصُوْلِ الخَيْرِ أَوِ الشَّرِّ، وَهَذَا صَحِيْحٌ لَا رَيْبَ فِيْهِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لِكَثْرَةِ مُلَازَمَةِ المَرْءِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّ صَاحِبَهَا قَدْ يَسْعَدُ وَقَدْ يَسُوْءُ. (?)

وَذَلِكَ يَتَبَيَّنُ بِالحَدِيْثِ الآتِي: (ثَلَاثَةٌ مِنَ السَّعَادَةِ؛ وَثَلَاثَةٌ مِنَ الشَّقَاءِ. فَمِنَ السَّعَادَةِ المَرْأةُ الصَّالِحَةُ تَرَاهَا فَتُعْجِبُكَ، وَتَغِيْبُ عَنْهَا فَتَأْمَنُها عَلَى نَفْسِهَا وَمَالِكَ، وَالدَّابَّةُ تَكُوْنُ وَطِيْئَةً؛ فَتُلْحِقُكَ بِأَصْحَابِكَ، وَالدَّارُ تَكُوْنُ وَاسِعَةً كَثِيْرْةَ المَرَافِقِ، وَمِنَ الشَّقَاءِ المَرْأَةُ تَرَاهَا فَتَسُوْءُكَ وَتَحْمِلُ لِسَانَهَا عَلَيْكَ، وَإِنْ غِبْتَ عَنْهَا لَمْ تَأْمَنْهَا عَلَى نَفْسِهَا وَمَالِكَ، وَالدَّابَّةُ تَكُوْنُ قَطُوْفًا (?)؛ فَإِنْ ضَرَبْتَها أَتْعَبَتْكَ وَإِنْ تَرَكْتَهَا لَمْ تُلْحِقْكَ بِأَصْحَابِكَ، وَالدَّارُ تَكُوْنُ ضَيِّقَةً قَلِيْلَةَ المَرَافِقِ) (?). فَدَلَّ الحَدِيْثُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ؛ مِنْهَا مَا يُسْعِدُ وَمِنْهَا مَا يُشْقِي، وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ الأَسْبَابِ القَدَرِيَّةِ. (?) (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015