الوَحْيُ لُغَةً: هُوَ الإِعْلَامُ بِسُرْعَةٍ وخَفَاءٍ، وَهُوَ نَوْعَانِ: وَحْيُ إِلْهَامٍ - وَوَحْيُ إِرْسَالٍ.
فَوَحْيُ الإِلْهَامِ: هُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الجِبَالِ بُيُوْتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُوْنَ} (النَّحل:68)،
وكَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوْسَى أَنْ أَرْضِعِيْهِ} (القَصَص:7).
وَأَمَّا وَحْيُ الإِرْسَالِ: فَهُوَ الَّذِيْ يَنْزِلُ بِهِ جِبْرِيْلُ إِلَى الرُّسُلِ، وَهَذَا الوَحْيُ قَدْ يَكُوْنَ مَا يُخَاطَبُ بِهِ النَّبِيُّ مُشَافَهَةً وَيَرَاهُ بِعَيْنِهِ (?)، وَقَدْ يَكُوْنُ مَا يُبَثُّ فِي نَفْسِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (?)
وَإِذَا أُطْلِقَ لَفْظُ الوَحْيِّ فَالأَصْلُ أَنَّهُ يُقْصَدُ بِهِ مَا كَانَ مِنَ اللهِ تَعَالَى جَزْمًا (?)، رُغْمَ أَنَّهُ قَدْ يُقْصَدُ بِهِ أَحْيَانًا الإِلْهَامُ، أَوْ تَزْيِيْنُ الشَّيَاطِيْنِ. (?)
وَأَمَّا الإِلْهَامُ فَالأَصْلُ أَنَّهُ يُقْصَدُ بِهِ مَا يَقَعُ فِي النَّفْسِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجْزِمَ المَرْءُ بِأَنَّهُ مِنَ اللهِ تَعَالَى، فَتُحَدِّثُهُ نَفْسُهُ بِهِ، كَمَا جَرَى معَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. (?)
فَالفَرْقُ بَيْنَهُمَا - كَمَا أَثْبَتْنَا آخِرًا - أَنَّ الوَحْيَ يَكُوْنُ حَقًّا ومِنَ اللهِ تَعَالَى (?)؛ فَإِنْ كَانَ فِي الشَّرِيْعَةِ - الآنَ - فَهُوَ مُحَالٌ؛ وَذَلِكَ لِكَمَالِ الشَّريْعَةِ بِوَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (?)، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِهَا فَمَرْدُوْدٌ أَيْضًا وَذَلِكَ لِانْقِطَاعِ الوَحْي بِعْدَهُ أَيْضًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (?)
أَمَّا الإِلْهَامُ فَلَا يَسْتَطِيْعُ صَاحِبُهُ أَنْ يَجْزِمَ بِصَوَابِهِ أَصْلًا - فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُوْنَ ضَلَالًا فِي نَفْسِهِ؛ أَوْ مُفْضِيًا إِلَى ضَلَالٍ- فَإِنْ كَانَ خَيْرًا كَانَ تَوفِيْقًا مِنَ اللهِ تَعَالَى وَمَعُوْنَةً، وَإِنْ كَانَ شَرًّا فَإِضْلَالٌ مِنَ الشَّيْطَانِ. (?) (?)
قَالَ ابْنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ (مَدَارِجُ السَّالِكِيْنَ) (?) عِنْدَ شَرْحِ حَدِيْثِ الصِّرَاطِ وَالسُّوْرَانِ (?): (فَهَذَا الوَاعِظُ فِي قُلُوْبِ المُؤْمِنِيْنَ هُوَ الإِلْهَامُ الإِلَهِيُّ بِوَاسِطَةِ المَلَائِكَةِ).