- المَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ) أنْكَرَ بَعْضُهُم تَلَبُّسَ الجِنِّيِّ بِالإِنْسِيِّ، وَقَالُوا: لَا يَصِحُّ لِأَنَّ طَبِيعَتَهُمَا مُخْتَلِفَةٌ، فَمَا الجَوَابُ؟
نَقُوْلُ: قَدْ دَلَّتِ الشَّرِيْعَةُ عَلَى وُقُوْعِ هَذَا التَّلَبُّسِ فِي عِدَّةِ نُصُوْصٍ مِنْهَا: (?)
1) قَوْلُ اللهِ تَعَالَى {الَّذِيْنَ يَأْكُلُوْنَ الرِّبا لَا يَقُوْمُوْنَ إِلَّا كَمَا يَقُوْمُ الَّذِيْ يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ} (البَقَرَة:275). (?)
قَالَ القُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي التَّفْسِيْرِ (?): (فِي هَذِهِ الآيَةِ دَلِيْلٌ عَلَى فَسَادِ إنْكَارِ مَنْ أَنْكَرَ الصَّرَعَ مِنْ جِهَةِ الجِنِّ، وَزَعَمَ أَنَّهُ مِنْ فِعْلِ الطَّبَائِعِ (?)، وَأَنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَسْلُكُ فِي الإِنْسَانِ وَلَا يَكُوْنُ مِنْهُ مَسُّ). (?) (?)
2) عَنْ عُثْمَان بْنِ أَبِي العَاصِ؛ أَنَّهُ شَكَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَفَلُّتَ القُرْآنِ مِنْ صَدْرِهِ، قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِي وَقَالَ: (يَا شَيْطَانُ! أُخْرُجْ مِنْ صَدْرِ عُثْمَان)، فَمَا نَسِيْتُ شَيْئًا أُرِيْدُ حِفْظَهُ. (?)
3) عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ مَرْفُوْعًا (إِذَا تَثاءَبَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطاعَ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ. (?)
قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ (?): (قَالَ العُلَمَاءُ: أُمِرَ بِكَظْمِ التَّثَاوبِ وَرَدِّهِ وَوَضْعِ اليَدِ عَلَى الفَمِ لِئَلَّا يَبْلُغَ الشَّيْطَانُ مُرَادَهُ مِنْ تَشْوِيْهِ صُوْرَتِهِ، وَدُخُوْلِهِ فَمَهَ، وَضَحِكِهِ مِنْهُ. وَاللهُ أَعْلَمُ). (?)
أَخِيْرًا؛ نَقُوْلُ: لَا يِلْزَمُ أَبَدًا مِنْ كَوْنِ الرَّجُلِ يُصْرَعُ أَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِمَا بَدَرَ مِنْهُ فِي حَالِ صَرَعِهِ مُطْلَقًا، بَلْ مَرْجِعُ ذَلِكَ إِلَى كَوْنِهِ مَغْلُوْبًا عَلَى عَقْلِهِ أَمْ غَيْرَ مَغْلُوْبٍ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ المَجْنُوْنِ المَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ حَتَّى يَبْرَأَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وعَنِ الصَّبِيِّ حتَّى يَحْتَلِمَ). (?) (?)