- المَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) قَالَ بَعْضُهُم: إِنَّ المَنْهِيَّ فِي الحَدِيْثِ هُوَ الصَّلَاةُ فِي القَبْرِ نَفْسِهِ؛ وَلَيْسَ فِي المَقْبَرَةِ؟! (?)
وَالجَوَابُ هُوَ مِنْ أَوْجُهٍ:
1) أَنَّ السُّنَّةَ دَلَّتْ فِي أَحَادِيْثَ أُخَرَ عَلَى المَنْعِ مِنَ الصَّلَاةِ فِي المَقْبَرَةِ نَفْسِهَا، مِنْهَا: (الأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إِلَّا الحَمَّامَ وَالمَقْبُرَةَ). (?)
2) أَنَّ الحَدِيْثَ نَفْسَهُ وَرَدَ بِلَفْظِ (المَقَابِرِ) كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ من حَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ (لَا تَجْعَلُوا بُيُوْتَكُمْ مَقَابِرَ؛ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ البَيْتِ الَّذِيْ تُقْرَأُ فِيْهِ سُوْرَةُ البَقَرَةِ). (?)
3) جَعْلُ عِلَّةِ الحَدِيْثِ أَنَّ المَيِّتَ لَا يُصَلِي مَرْدُوْدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أ) أَنَّ الصَّلَاةَ فِي القَبْرِ غَيْرُ مَعْهُودَةٍ أَبَدًا، بَلْ وَلَيْسَتْ بِمُسْتَطَاعَةٍ أَصْلًا، فَكَيْفَ يُؤْتَى بِالنَّهْي عَنْهَا، فَهُوَ مِنَ النَّهْي عَنِ المُحَالِ.
ب) قَدْ ثَبَتَ بِأَحَادِيْثَ أَنَّ المَوُتَى يُصَلُّوْنَ فِي قُبُوْرِهِم؛ مِنْهَا (الأَنْبِيَاءُ أَحْياءٌ فِي قُبُوْرِهِمْ يُصَلُّوْنَ). (?)
وَمِنْهَا حَدِيْثُ صَلَاةِ مُوْسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَبْرِهِ عِنْدَمَا رَآهُ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. (?)
وَمِثْلُهُ حَدِيْثُ سُؤَالِ المَلَكَيْنِ لِلمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ (فيُقَالُ لَهُ: أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِيْ كَانَ قَبْلَكُم؛ مَا تَقُوْلُ فِيْهِ وَمَاذَا تَشْهَدُ عَلَيْهِ؟ فَيَقُوْلُ: دَعُوْنِي حَتَّى أُصَلِّيَ، فَيَقُوْلُوْنَ: إِنَّكَ سَتَفْعَلُ) الحَدِيْثُ. (?)