أي هب لنا من عندك رحمة ترحمنا بها، وتسترنا عن قومنا {وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً} أي وقدّر لنا من أمرنا رشداً (هذا) 1، أي اجعل عاقبتنا رشداً كما جاء في الحديث “وما قضيت لنا من قضاء فاجعل عاقبته رشداً”2 وفي المسند من حديث بسر بن أرطأة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو “اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة”3 وقوله {فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً} أي ألقينا عليهم النوم حين دخلوا إلى الكهف فناموا سنين كثيرة، (ثم بعثناهم) أي من رقدتهم تلك، وخرج أحدهم بدراهم معه ليشتري لهم بها طعاما يأكلونه كما سيأتي بيانه وتفصيله، ولهذا قال: {ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ} أي المختلفين فيهم {أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَداً} قيل: عددا، وقيل: غاية … {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ} من هنا شرع في بسط القصة وشرحها، فذكر تعالى أنهم فتية وهم الشباب، وهم أمثل للحق، وأهدى للسبيل من الشيوخ الذين قد عتوا وانغمسوا في دين الباطل … وقال مجاهد: (بلغني أنه كان في آذان بعضهم القرطة يعني الحلق، فألهمهم الله رشدهم، وآتاهم تقواهم، فآمنوا بربهم، أي اعترفوا له بالواحدانية، وشهدوا أنه لا إله إلا هو {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهاً} ولن لنفي التأبيد، أي لا يقع منا هذا أبداً لأنا لو فعلنا ذلك لكان باطلاً، ولهذا قال عنهم: {لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً} أي باطلا وكذباً وبهتاناً {هَؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ} أي هلا أقاموا على صحة ما ذهبوا إليه دليلاً واضحاً صحيحاً {مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً} يقولون بل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015