كأنه مجرد ذكر منه للعباس في دعائه، وطلب منه لله أن يسقيهم من أجله، وقد أقره الصحابة على ذلك، فأفاد بزعمهم ما يدعون. وأما سبب عدول عمر رضي الله عنه عن التوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم بزعمهم وتوسله بدلاً منه بالعباس - رضي الله عنه -، فإنما كان لبيان جواز التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل ليس غير.
وفهمهم هذا خاطىء، وتفسيرهم هذا مردود من وجوه كثيرة اهمها:
1- إن القواعد المهمة في الشريعة الإسلامية أن النصوص الشرعية يفسر بعضها بعضاً، ولا يفهم شيء منها في موضوع ما بمعزل عن بقية النصوص الواردة فيه. وبناء على ذلك فحديث توسل عمر السابق إنما يفهم على ضوء ما ثبت من الروايات والأحاديث الواردة في التوسل بعد جمعها وتحقيقها، ونحن والمخالفون متفقون على أن في كلام عمر: "كنا نتوسل إليك بنبينا.. وإنا نتوسل إليك بعم نبينا" شيئاً محذوفاً، لا بد له من تقدير، وهذا التقدير إما أن يكون: كنا نتوسل بجاه نبينا، وإنا نتوسل إليك بجاه" عم نبينا على رأيهم هم، أو يكون: "كنا نتوسل إليك بـ"دعاء" نبينا، وإنا نتوسل إليك بـ"دعاء" عم نبينا" على رأينا نحن.
ولا بد من الأخذ بواحد من هذين التقديرين ليفهم الكلام بوضوح وجلاء.
ولنعرف أي التقديرين صواب لا بد من اللجوء إلى السنة، لتبين لنا طريقة توسل الصحابة الكرام بالنبي صلى الله عليه وسلم.