الدُّنيا على الآخرة قد يكون مع العلم والتَّصديق بأَنَّ الكفر يضرُّ في الآخرة، وبأَنَّه مالَه في الآخرة من خَلاق.

و"أيضاً" فإِنَّه سبحانه استثنى المكْرَه من الكفار، ولو كان الكفر لا يكون إلاّ بتكذيب القلب وجهله لم يُسْتَثْنَ منه المُكرَه، لأَنَّ الإكراه على ذلك ممتنعٌ فعُلِمَ أَنَّ التَّكلُّم بالكفركفرٌ إلاَّ في حال الإكراه.

وقوله تعالى: {وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا} أي: لاستحبابه الدُّنيا على الآخرة، ومنه قول النبي?: (يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينَه بعَرَضٍ من الدُّنيا) (?) فمن تكلَّم بدون الإكراه، لم يتكلَّم إلاَّ وصدرُه منشرحٌ به)) (?) .

وقال: ((فإن قيل: فقد قال تعالى: {وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا} قيل: وهذا موافقٌ، لأوَّلها فإِنَّه من كفر من غير إكراهٍ فقد شرح بالكفر صدراً، وإلا ناقض أول الآية آخرها، ولو كان المراد بمن كفر هو الشَّارح صدرَه، وذلك يكون بلا إكراه، لم يستَثْنِ المكرَه فقط، بل كان يجب أن يستثنى المكرَهُ وغير المكرَهِ إذا لم يشرح صدرَه، وإذا تكلَّم بكلمة الكفر طوعاً فقد شرح بها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015