إظهارِكم الإيمان، فهم لم يُظهروا ذلك إلاَّ لخوضهم، وهم مع خوضهم مازالوا هكذا، بل لما نافقوا وحذِروا أنْ تنزِل عليهم سورَةٌ تبيِّنُ ما في قلوبِهم من النِّفاق وتكلَّموا بالاستهزاءِ، أي: صاروا كافرين بعد إيمانهم. ولا يدلُّ اللفظ على أَنَّهم مازالوا منافقين إلى أَنْ قال تعالى: {وَلئِنْ سَأَلْتَهُمْ ليَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} فاعْتَرَفوا ولهذا قيل: {لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً} فدلَّ على أَنَّهم لم يكونوا عند أنفسهم قد أَتَوا كُفْراً، بل ظنُّوا أَنَّ ذلك ليس بكفرٍ.
فتبيَّن أنَّ الاستهزاءَ بآياتِ الله ورسولِه كفرٌ يكفرُ به صاحبُه بعدَ إيمانِه، فدلَّ على أَنَّه كان عندهم إيمانٌ ضعيفٌ، ففعلوا هذا المحرَّم الَّذي عرفوا أنَّه محرَّم. ولكنْ لم يظنُّوه كفراً وكان كفراً كفروا به، فإِنَّهم لم يعتقدوا جوازه)) (?) .
... ((باب حكم المرتدِّ (وهو) لغة الرَّاجع، يقال ارتدَّ فهو مرتدٌّ إذا رجعَ قال: تعالى: {وَلا تَرْتَدُّوْا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِين} وشرعاً (مَن كفرَ) نُطقاً أو اعتقاداً أو شكَّاً (ولو) كان (مميِّزاً) فتصحُّ رِدَّتُه كإسلامِه، ويأتي (طوعاً) ولو كان