قريبٍ ولا من بعيد، ولعلَّ الحديثَ لم يبلغه، إذ لو بلغه لحسم النِّزاع، وقال بالتحريم كالجُمْهورِ جَرْيًا على قاعدته الذهبية: [إذا صحَّ الحديثُ فهو مَذهبي]، وقد جاء في (فيض القدير): "أوصانا الشَّافعي باتِّباعِ الدليلِ إذا صَحَّ بخلافِ مذهبه" (?)، فحديثُ ابن عمر لو بلغ الشَّافعي لما خالف الجمهور، ولقال مثل قولهم بتحريم العِيْنَة.

وأما خَبَرُ عائشةَ - رضي الله عنها - فقد وقف الشَّافعيُّ في الرَّدِّ على هذا الخبر طويلًا، وفي رَدِّه ذِكر ثلاثة أمور:

1 - عدم ثبوت الخبر عنده، فقال -رحمه الله-: "قد تكون عائشةُ لو كان هذا ثابتًا عنها. . ." (?)، وقال أيضًا: "وجملة هذا أنّا لا نثبتُ مثله على عائشة" (?)، وقد سبق بيانُ ثبوتِ الخبر، وصحته (?).

2 - أنَّ إنكارَ عائشة - رضي الله عنها - بسبب أن البيعَ كان إلى العطاء، وهو أجلٌ غيرُ معلوم، يقول -رحمه الله-: "قد تكون عائشةُ لو كان هذا ثابتًا عنها عابتْ عليها بيعًا إلى العطاء؛ لأنه أجلٌ غير معلوم، وهذا ممَّا لا نجيزُه لا أنها عابتْ عليها ما اشترتْ منه بنقد، وقد باعته إلى أجلٍ" (?)، وقد بينت سابقًا أن عائشةَ تجيزُ البيعَ إلى

العطاء (?).

3 - عند وُقُوع الخِلافِ بين الصَّحابة يكونُ الأخذُ بقول الذي معه القياس، والذي معه القياس هو زيدُ بنُ أرقم يقول -رحمه الله-: "ولو اختلف بعضُ أصحابِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015