وإنَّما يُذكَر كصورةٍ مِن صُوَرِ العِيْنَة، أو أنَّهُ يخرجُ من كلامِهِم عندَ اشْتِراطِهم لِكَراهِيَةِ العِيْنَة.
وأمّا الشافِعيّةُ فَلم يَذْكُروا مصطَلَحَ التَّوَرُّقِ في كُتبِهم، ولم يَتَطَرَّقُوا لِحُكْمِهِ، والسببُ في ذلك: أنّ جمهورَ الشافعيَّةِ يرَوْنَ جَوازَ بَيْعِ العِيْنَة، فَالتَّوَرُّقُ يَكونُ أولى بِالجَوازِ مِن العِيْنَة (?).
مِمَّا سَبَقَ يَتَّضِحُ أنَّ مُصْطلحَ التَّوَرُّقِ بهذهِ التَّسميةِ هو مَشْهورٌ عندَ البَعضِ مِن فُقهاءِ الحنابلةِ لا كلّهم، والمذاهبُ الأخرى لم يُصَرِّحوا بهذا المصطلحِ، وإنَّما يَذْكُرونَ التَّوَرُّقَ كَصورةٍ مِن صُوَرِ العِيْنَة، كما عندَ الحَنَفِيَّةِ والمالكيَّةِ، أو أنَّهُ يخرجُ مِن كَلامِهم عنِ العِيْنَة، كما عندَ الشافعيَّةِ.
التَّوَرُّقُ في اصطلاحِ الفُقهاءِ هو: (أنْ يَشتريَ الرَّجلُ السِّلْعَةَ نَسِيئَةً، وبَبِيعَها نَقْدًا لِغَيْرِ بائِعِها) وهذا التَّعريفُ يُفْهَمُ مِن كَلامِ الفُقهاءِ الَّذينَ تَحَدَّثوا عَنِ التَّوَرُّقِ (?)، فَهُم لمَّا تَحَدَّثوا عَنهُ اكْتَفوا بِذِكْرِ صُورَتِه، وَوَصْفِه مِن غَيرِ النَّصِّ على التَّعريفِ، وَقدْ ذَكَرَ الباحثونَ في (الموسوعَةِ الفِقْهيةِ) تَعريفَ التَّوَرُّقِ فقالوا: "أنْ يَشتريَ سلعَةً نسيئةً، ثمّ يبيعَها نَقْدًا لِغَيرِ البائعِ، بِأَقَلّ مِمّا اشْتَراها بِهِ، لِيَحْصلَ بِذلكَ على النَّقْدِ" (?) وَرُبما يكونُ هذا التعريفُ أَدَقَّ مِنَ التَّعريفِ السَّابِقِ، ذَلكَ لأنَ التَّعريفَ السّابِقَ لم يَذْكُرْ أنَّ الْمُتَوَرِّقَ يَبيعُ السِّلْعةَ بِأَقَلّ مما اشْتراها بِهِ، وهَذا