صحيحٌ أن الحاجة لم تكنْ مبررةً للمحتاج لدخوله في الرِّبا، ولم تكن حُجَّة له ليسرق؛ لأن الدخول في الرِّبا والسرقة قد جاء النصُّ الصريحُ على تحريمهما، وأما بيع التَّورُّق فلا دليل صريح يحرمه، فجاز للمحتاج أن يلجأ إليه ليقضي حاجاته، وكون بيع التَّورُّق من أبواب الرّبا فغير مسلم، إذ التَّورُّق عبارةٌ عن عقدين، كل عقد منهما يشتمل على أركان البيع وشروطه، وتقويمُ بيع التَّورُّق من الناحية الاقتصادية يعطي لنا الفوارق الشَّاسعة بينه وبين الرِّبا، وأما الرِّبا فهو زيادةٌ بدون مقابل، تستلزمُ نمو الديون بلا ضوابط.

- الدليل الرابع: أن التَّورُّق يحقّقُ مصالحَ كثيرة للناس، فهناك الكثيرُ ليس لديهم نقودٌ كافية لأداء ديونهم، ولا لزواجهم، ولا لمصالحهم الأخرى، فيستطيع المُتَوَرِّق من خلال عقد البيع لأجل التَّورُّق الحصول على حاجاته (?).

• أدلة القائلين بمنع التَّورُّق:

الدليل الأول: قَولُ علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "سيأتي على الناس زمانٌ عضوضٌ يعضُّ الموسر على ما في يديه ولم يؤمر بذلك، قال الله تعالى: {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} (?) ويبايع المضطرون. وقد نهى النبيُّ عن بيع المضطر، وبيع الغرر، وبيع الثمر قبل أن تدرك (?).

وجه الاستدلال من الدليل:

أن بيع التَّورُّق يقعُ من رجل مضطرّ إلى النقود، ولا يجد من يقرضه،