أبو الأشهب السائح، قال: " رأيت غلاما جميلا بين الثعلبية والخزيمية قائما يصلي عند بعض الأميال، وما معه أحد قد انقطع عن الناس، فانتظرته حتى قضى صلاته، قال: قلت له: أما معك مؤنس؟ قال: بلى.

قلت: وأين هو؟ قال: أمامي ومعي وخلفي وعن يميني وعن يميني وفوقي.

فعلمت أن عنده معرفة، قلت: أما معك زاد؟ قال: بلى.

قلت: وأين هو؟ قال: الإخلاص لله عز وجل، والتوحيد له، والإقرار بنبيه صلى الله عليه وسلم، وإيمان صادق، وتوكل واثق.

قلت: هل لك في مرافقتي؟ قال: الرفيق يشغل عن الله عز وجل، ولا أحب أن أرافق أحدا، فأشتغل بِهِ طرفة عين، فيقطعني عن بعض ما أنا عليه.

قلت: أما تستوحش في هذه البراري وحدك؟ قال: إن الأنس بالله عز وجل قطعني عن كل وحشة، حتى لو كنت مع السباع لا أخافها، ولا استوحشت منها.

قلت: فمن أين تأكل؟ قال: الذي غذاني في ظلمة الأرحام صغيرا، قد تكفل لي برزقي كبيرا.

قلت: على ذلك، قال: لي حد معلوم، ووقت مفهوم، وإذا احتجت إلى الطعام، أصبته في أي موضع كنت، وقد علم ما يصلحني، وهو غير غافل عني، قلت:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015