فَكَانَ الْعَالم لَا معنى مِنْهُ إِلَيْهِ بِهِ كَانَ ثمَّ صيروه دَلِيلا عَلَيْهِ على القَوْل بِمَا ذكرت
فَأَما إِن كذبُوا بجعله دَلِيلا وبقولهم أَن لم يكن مِنْهُ غير كَونه بعد أَن لم يكن ومذهبهم أَن الْعلم بِكَوْن شَيْء لَا يُوجب تكوينه والقدم لَا يُوجب كَونه بِهِ وَلَيْسَ من الله عِنْدهم إِلَّا هذَيْن لَا يُوجب وَاحِد مِنْهُمَا كَونه فأوجبوا كَون الْعَالم لَا بِأحد على مَا قَالَ الْقَائِلُونَ بقدم الْعَالم إِذْ كَانَ لَا بِغَيْرِهِ فضاهوا بقَوْلهمْ هَذَا قَول أُولَئِكَ إِلَّا أَن أُولَئِكَ ألزم للْقِيَاس إِذْ لما كَانَ الْعَالم لَا بِغَيْرِهِ جَعَلُوهُ أزليا وَهَؤُلَاء جَعَلُوهُ من الْوَجْه الَّذِي بَينا لَا بِغَيْرِهِ حَادِثا
ثمَّ أعجب مِنْهُ أَن جعلُوا الْعَالم خَالِقًا وَنَفسه مخلوقة وجعلوه صانعا وَنَفسه مصنوعة فَصَارَ الْعَالم عَالما لَا بصنع لغيره فِيهِ ثمَّ ألزم نَفسه كل اسْم دنئ وكل اسْم سنى لَو قلب اسْم الْعَالم لَكَانَ أعذر وَلَكِن ذَا آيَة عواقب السوء
وَأَيْضًا من مضاهاتهم فِي هَذَا قَول الثنوية إِن الْأَشْيَاء كَانَت مَعْدُومَة ثمَّ وجدت من غير أَن كَانَت بِهِ ثمَّ إيجادها غير خُرُوجهَا من الْعَدَم وَقَالَت الثنوية كَانَ النُّور والظلمة متباينين فامتزجا فَكَانَ هَذَا الْعَالم من غير أَن كَانَ ثمَّ تبَاين غيرا وامتزاج غير فَصَارَ الْعَالم عَالما بِنَفسِهِ بعد أَن لم يكن عَالما إِذْ لَا غير هُنَالك أوجب ذَلِك وَكَذَا قَول الْمُعْتَزلَة على مَا ذكرنَا وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
واستدلت الْمُعْتَزلَة وَغَيرهم على حدث الْعَالم بِمَا لَا يَخْلُو عَن مُحدث وَلم يكن دليلهم على ذَلِك سوى وجود الْعَالم فأوجبوا حَدثهُ وَقَالُوا ذَلِك بمحدث ثمَّ