ثمَّ يُقَال لَهُ فِي الْفَصْل الَّذِي ذكرت إِنَّه كَانَ يعلم ذَاته قبل الْخلق أَو لم يكن لَهُ علم فِي الْحَقِيقَة كَيفَ كَانَ يعلم ذَاته فَإِن كَانَ بِعلم ذَاته عَالما بَطل قَوْله بِحَدَث الإسم وَإِن قَالَ غير عَالم وَلَا قَادر عَلَيْهِ دخل عَلَيْهِ جَمِيع مَا ذكرت مَعَ إِحَالَة الْوَصْف لَهُ بِالْعلمِ بِهِ فِي الْأَزَل مَعَ فَسَاد مَا بَينا فِي الْحَدث وَإِن قَالَ من بعد بِغَيْرِهِ رَآهُ مِمَّن يعْتَرض فِيهِ الْعَوَارِض بِهِ تكون الْعَالم وَفِي ذَلِك مُوَافقَة الدهرية فِي الطينة وَأَصْحَاب الهيولي والثنوية فِي كَون الْعَالم بإعتراض الْعَوَارِض فِي الأَصْل وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَهَذِه الْمَسْأَلَة هِيَ مَسْأَلَة الصِّفَات فِي التَّحْقِيق وَقد بَينا ذَلِك
قَالَ أَبُو مَنْصُور رَضِي الله عَنهُ ثمَّ اخْتلف أهل الْإِسْلَام فِي القَوْل بِالْمَكَانِ فَمنهمْ من زعم أَنه يُوصف بِأَنَّهُ على الْعَرْش مستو وَالْعرش عِنْدهم السرير الْمَحْمُول بِالْمَلَائِكَةِ المحفوف بهم {وَيحمل عرش رَبك فَوْقهم يَوْمئِذٍ ثَمَانِيَة} وَقَوله {وَترى الْمَلَائِكَة حافين من حول الْعَرْش} وَقَوله {الَّذين يحملون الْعَرْش وَمن حوله} وَاحْتَجُّوا لِلْقَوْلِ بِهِ بقوله {الرَّحْمَن على الْعَرْش اسْتَوَى}