وَالْوَجْه الثَّانِي أَن يكون ذَلِك فِيمَا عَلَيْهِ حَال الْفَاعِل فِي فعله من الْوَقْف فِي ذَلِك نَحْو مَا قَالَت الحشوية فِي اسْم الْمُؤمن والثنيا فِيهِ وَمَعْلُوم أَن الإرجاء هُوَ الْوَقْف فِي الْجَواب والإمهال للنَّظَر ثمَّ لَا يقطعون فِي أنفسهم القَوْل بِالْإِيمَان بل يستثنون والثنيا إرجاء وَقد ذكر ذَلِك فِي بعض الْأَخْبَار لَكِن لَا يشْهد بِصِحَّتِهِ وَفِي الْعقل بَيَان معنى الإرجاء إِذْ هُوَ الْوَقْف فِي الْأَمر فِي أَمر هُوَ فعلهم وَمَا قَالَت الْمُعْتَزلَة فِي إرجاء صَاحب الْكَبِيرَة بِالتَّسْمِيَةِ أَنه مُؤمن أَو كَافِر مَعَ مَا قسم الْخلق الَّذين امتحنوا قسمَيْنِ فِي التَّحْقِيق مُؤمن وَكَافِر وصير الْقسم الثَّالِث الْمُنَافِق إِذْ هُوَ مَعَ هَؤُلَاءِ فِي الظَّاهِر وَمَعَ هَؤُلَاءِ فِي السِّرّ فاستوجبوا أَحْكَام أهل الْإِيمَان فِي الظَّاهِر مِمَّا عَلَيْهِ أهل الْأَدْيَان فِي الدُّنْيَا وَفِي الْبَاطِن من الْأَحْكَام على مَا عَلَيْهِ أَمر الْكفْر فِي الظَّاهِر من أَمر الْآخِرَة وَالله الْمُوفق
ثمَّ القَوْل فِي خلق الْإِيمَان فِيمَا بَيْننَا وَبَين فريق من الحشوية مَعَ مَا قد بَينا القَوْل فِي خلق أَفعَال الْعباد مَا يكفى ذَلِك من تَأمل أَمر الْإِيمَان أَن الْإِيمَان لَا يَخْلُو من أَن يكون مَعْرُوفا أَو مَجْهُولا فَإِن كَانَ مَجْهُولا لَا يُعلمهُ أحد فَنَقُول من يَقُول بنفى الْخلق لَا معنى لَهُ لِأَن الَّذِي يجهل حَتَّى لَا يصل إِلَى الْعلم بِهِ من طَرِيق الدَّلِيل هُوَ الْخلق الَّذِي لم يَجْعَل الله فِيمَا يشهده عَلَيْهِ دَلِيلا يعرف مائيته وَحَقِيقَته وَذَلِكَ خلق فِي جملَة القَوْل وبدلالة المحسوس على أَن كل شَيْء سوى الله خلق كَائِن بعد أَن لم يكن فَأَما الله تَعَالَى وَمَا يُوصف بِهِ فَفِي الشَّاهِد دَلِيل على التَّحْقِيق وَالْإِثْبَات فَلَا وَجه للْجَهْل بِهِ وَفِي ذَلِك تثبيت جعله خلقا مَعَ مَا لَا يجوز الْجَهْل بِهِ إِذْ الْأَمر بِفِعْلِهِ عَن الله فِي جَمِيع كتبه الْمنزلَة وَرُسُله الَّذين أرسلهم وَبِه خُوطِبَ الْعباد بِجَمِيعِ شرائع الْإِسْلَام فمحال يعرفهَا