وَأما الْآيَة فِي الدُّعَاء فَكَذَلِك نقُول بِدُعَاء لمن لَهُ ذَلِك الْوَصْف ويشفع لَهُ فِيمَا كَانَ فِي ذَلِك مِنْهُ من المآثم والذنُوب لَا أَنه إِذا كَانَ أفعالهم ذَلِك فَيشفع لَهُم لِأَنَّهُ لَا يجوز فِي الْحِكْمَة تعذيبهم على مَا ذكر من الْأَفْعَال بل لَهُم عَلَيْهَا أعظم الثَّوَاب وَأَرْفَع المأوى فَطلب الشَّفَاعَة وَالْمَغْفِرَة لمثله يقبح من وُجُوه أَحدهَا أَن ذَلِك إِذْ لَا يجوز فِي الْحِكْمَة تعذيبه فكأنهم طلبُوا مِنْهُ أَن لَا يجوز وَلَا يسفه وَذَلِكَ لأفسق الْخلق يخرج مخرج التفسيق فضلا من أَن يتَضَرَّع إِلَى الله جلّ الْكَرِيم الْحَكِيم عَن هَذَا الْوَصْف وَالثَّانِي أَن الْحق فِي مثله إِذْ هُوَ مثاب غير معاقب يلقى ذَلِك مِنْهُ بالشكر وَالْحَمْد وَفِي الدُّعَاء كتمان ذَلِك وكفرانه ومحال الْإِذْن فِي مثله وَالدُّعَاء وَالله الْمُوفق
وَالثَّالِث أَن ذَلِك فِي الْمَوْعُود لَهُ الْجنَّة والمبشر بهَا فبطلان مثله يُوجب الْجَهَالَة فِي ذَلِك إِلَّا أَن يكون الْوَقْت لم يبين يكون ذَلِك فِي الإستعجال وَهُوَ قَوْلنَا فِي أَصْحَاب الْكَبَائِر أَنهم لَو عذبُوا بِقدر الذُّنُوب لَكَانَ ذَلِك فِي الْحِكْمَة عدلا فَيشفع لسائلهم بِالْفَضْلِ وَالْإِحْسَان دون الْعدْل والإستيفاء وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
قَالَ أَبُو بكر الْكسَائي قَوْله تَعَالَى {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء} أَن الله وعد الْمَغْفِرَة فِيمَن شَاءَ ثمَّ بَين ذَلِك فِي الصَّغَائِر بقوله {إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ نكفر عَنْكُم سَيِّئَاتكُمْ} وَقد ثَبت الْوَعيد فِي الْكَبَائِر بقى الْوَعْد فحقه لم يزل بِالَّذِي ذكر لإحتماله مَا وصفت