تَركهَا فَدلَّ مَا ذكرنَا على خُرُوج مَذْهَب الإعتزال عَن الْأَمر المجبول عَلَيْهِ والمدفوع إِلَيْهِ أَيْضا بِالتَّدْبِيرِ وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
ثمَّ نذْكر طرفا مِمَّا يلْزم الْمُعْتَزلَة على مَذْهَبهم الْوَقْف فِي التسمى بِالْإِيمَان وَهُوَ أَن من مَذْهَبهم أَن الْحَد الَّذِي بَين الصَّغِيرَة والكبيرة من الْمعاصِي غير مَعْرُوف ليَكُون الْمَرْء خَائفًا راجيا لَا آمنا آيسا فَنَقُول إِذْ لَا أحد مِنْكُم يدعى بَرَاءَة نَفسه من كل وَلَا الْعلم ببلوغ الْحَد الَّذِي يُوجب الْأَمْن والإياس فَذَلِك تردد الْحَال بَين الْكَبِيرَة وَالصَّغِيرَة والكبيرة تزيل اسْم الْإِيمَان وَالصَّغِيرَة لحقكم الشَّك فِي اسْم الْإِيمَان وزواله كَمَا لحقكم فِي اسْم الْكَبِيرَة وَالصَّغِيرَة فَإِذا منع ذَلِك الشَّك القَوْل بالأمن والإياس ثمَّ لما منع التسمى بِالْإِيمَان وَالَّذِي يدْفع هذَيْن وَاحِد ثمَّ لما جَازَ إِثْبَات الإسم مَعَ الْخَوْف وأمركم أَن الْمُؤمن لَا خوف عَلَيْهِ وَلم لَا يخَافُونَ من تسميتكم أَنفسكُم مُؤمنين الْكَذِب الَّذِي لَعَلَّه كَبِيرَة يزِيل عَنْكُم اسْم الْإِيمَان فَيكون بِالتَّسْمِيَةِ من كبر أَنفسكُم وَقد حذرتم عَن تَزْكِيَة الْأَنْفس بقوله تَعَالَى {فَلَا تزكوا أَنفسكُم} ثمَّ تعارضون بِالْبرِّ وَالتَّقوى أتشهدون أَنفسكُم بهما أَو لَا فَإِن شهدُوا لَزِمَهُم بالخوف فِي الْمُتَّقِينَ الْأَبْرَار أَن يَكُونُوا استوجبوا مقت الله وَالْخُلُود فِي النَّار فَيكون جَهَنَّم دَار الْمُتَّقِينَ الْأَبْرَار لَا دَار الْفَاسِقين وَقد قَالَ الله تَعَالَى {إِن الْأَبْرَار لفي نعيم} وَيبْطل الدُّعَاء بقوله {وتوفنا مَعَ الْأَبْرَار} وَإِن أَبَوا التَّسْمِيَة بذلك لَزِمَهُم مثله فِي الْإِيمَان إِذْ هُوَ اسْم لما بِهِ النجوة من مقت الله كالبر وَالتَّقوى ثمَّ يُقَال إِنَّه قد ثَبت عَن الْأَنْبِيَاء وَالرسل أَنهم كَانُوا يدعونَ الله رعْبًا وهبا وخوفا وطبعا ويزعمون أَنهم لم يبتلوا بكبائر فقد كَانَ هَذَا الْخَوْف مِم لم يبل بهَا لم لَا دلكم أَن لَيْسَ ترك بَيَان الْحَد لما يخَاف ويرجى بل ذَلِك لما لله معاقب من شَاءَ بالصغائر وَمن قَوْلكُم إِن مَا يُوجب