فَيُقَال لَهُ إِن كَانَ جهدك فِي صرف اسْم الْإِيمَان عَن الْمُبْتَلى بكبيرة على مَا فِيهِ من تَعْظِيم الرَّحْمَن وخشية العواقب لِئَلَّا تسمى أَنْت بِهِ فلك مَا اخْتَرْت فِي نَفسك وسويته وَإِن كَانَ ذَلِك لتزيل هَذَا عَن غَيْرك فَهُوَ يعلم جرأتك فِي ذَلِك على الله بِمَا فهم من تَسْمِيَة الله إِيَّاه بِغَيْر الَّذِي سميته فَلَا يحْتَمل أَن يرتاب فِي خبر الله مَعَ مَا يعلم من نَفسه كَذَلِك بإفترائك على الله بتسويل الشَّيْطَان وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
ثمَّ الَّذِي ذكرته لَا يحْتَمل إِلَّا سَفِيه أَن يَقُول ويعاقب على مَا يعلم كذبه فِيمَا يعاتبه عَلَيْهِ فَأَما الله سُبْحَانَهُ الَّذِي لَا يخفى عَلَيْهِ شَيْء يتعالى عَن هَذِه الرُّتْبَة الَّتِي يأنف مِنْهَا كل ذِي لب وَالله الْمُسْتَعَان وَأما أَنْت فحقيق لذَلِك لِأَنَّك تيأس بِهِ من روح الله وتؤثر شهوتك عَدَاوَة الله وَولَايَة الشَّيْطَان ويتعرك فِي مذْهبه لمقته ولعنه فهنيئا لَك مَا خترته لنَفسك عِنْد الْكَرِيم والرحيم وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
ثمَّ قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى ألم يَأن للَّذين آمنُوا أَن تخشع قُلُوبهم لذكر الله إِنَّه أثبت اسْم الْإِيمَان وَإِن لم تخشع قُلُوبهم إِن أول ذَلِك إِثْبَات إسم الْإِيمَان بِلَا خشوع وَأَنْتُم لَا ترَوْنَ إِلَّا التَّصْدِيق بِاللِّسَانِ والمعرفة بِالْقَلْبِ وَالثَّانِي أَن قد يَقُول لمن يخْشَى الله وَيقوم بالغاية فِي شكره أما يَنْبَغِي لَك أَن تخشاني وتشكرني لَا أَنه غير شَاكر لَهُ وَلَكِن على التَّنْبِيه
قَالَ الْفَقِيه رَحمَه الله فَأَما الأول فَإِنَّمَا الْآيَة إِنَّمَا هُوَ فِي الْخُشُوع لذكر الله وَأَن من لَا يخشع لَهُ مَذْمُوم فَاسق وخشوع الْإِيمَان هُوَ الَّذِي يكون بِمَعْرِِفَة جَلَاله وكبريائه وَهَذَا لَا يَزُول عَن الْمُؤمن وَمَعَ الْإِيمَان قد سمى مُؤمنا وَإِن كَانَ بِهِ مذموما وَفِي الْآيَة دلَالَة طول ذَلِك فيهم وَذَلِكَ يُوجب الْوَصْف بالكبيرة عِنْدهم وَقد أبقى لَهُم اسْم الْإِيمَان فَبَطل بذلك قَوْلهم وَالله الْمُوفق