مُؤمنا وَلم يسم بِهِ كَافِرًا بِمَا لم يرد بِهِ التَّسْمِيَة فَسمى بِهِ الَّذِي أجمع أَنه لَهُ اسْم وَهُوَ الْفسق والفجور وَالظُّلم ثمَّ لَهُم فِي الْوَعيد أَمْرَانِ عُمُوم أخباره وَالثَّانِي قَوْله {إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ} بَين مَا لَا يغْفر مَعَ مَا كَانَ الْوَعيد بالتخليد أعظم فِي الْمَنْع وأبلغ فِي الزّجر فَهُوَ أَحَق على أَن الْوَعيد إِذا وَجب لزم دُخُول النَّار وَلم يذكر فيهم الْخُرُوج وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
قَالَ الْفَقِيه أَبُو مَنْصُور رَحمَه الله نقُول وَبِاللَّهِ نستعين أجمع هُوَ لَا على اخْتلَافهمْ أَن الْوَعيد مِمَّا لم يُشْرك فِيهِ الْمُؤمنِينَ بل هُوَ فِي كل ذَنْب أخرج صَاحبه عَن الْإِيمَان وَأسْقط عَنهُ اسْمه والمرجئة توافقهم أَن كل ذَنْب يخرج صَاحبه عَن الْإِيمَان فالوعيد لَهُ لَازم ثمَّ إِن المرجئة تخَاف على الْمُؤمنِينَ فِيمَا ارتكبوا من المأثم مَعَ قيام الْإِيمَان بالعقوبة وَأُولَئِكَ لَا يخَافُونَ عَلَيْهِم وَكَانَ احتجاجهم بِعُمُوم الْآثَار فَثَبت بِالَّذِي ذكرت من قَول الْجُمْلَة أَن المرجئة وَهِي الَّتِي أرجأت الذُّنُوب أَشد اسْتِعْمَالا لَهَا على الْعُمُوم من الَّذين ادعوا عمومها إِذْ هم عِنْد التَّحْصِيل جعلُوا الْوَعيد فِي أحد فريقي الْبشر وهم الَّذين لَيْسُوا بمؤمنين وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
ثمَّ قد ثَبت بأدلة الْقُرْآن وَمَا عَلَيْهِ أهل الْإِيمَان وَالَّذِي جرى بِهِ من اللِّسَان أَن الْإِيمَان هُوَ التَّصْدِيق بِهِ نؤمن وَبِذَلِك جرت أَحْكَام الْقُرْآن فِي الْحَلَال وَالْحرَام وَمَا بِهِ قيام الْعبارَات والإشتراك فِي الْجَمَاعَات والإجتماع فِي مجَالِس الذّكر والخيرات على غير تناكر مِنْهُم وَفِيهِمْ الْقبُول بِحَق الْمُؤمنِينَ وَكَذَا جَمِيع مَا جرى بِهِ الْخطاب لم يُوجد معتزلي وَلَا خارجي وَلَا حشوى مَعَ مَا فيهم أَنْوَاع المعاصى والسيئات الَّتِي بَان لَهُم أَنَّهَا كَبَائِر أَو لم يبين لَهُم حَقِيقَتهَا بِخَبَر فِي أَمر الْخطاب أَن يكون غير أحد لَهُ لما فِيهِ فَثَبت أَن الْإِيمَان لم يزل عَنهُ وَأَن الإسم قَائِم لَهُ فَيبْطل بِهَذِهِ الْجُمْلَة الَّتِي من دَفعهَا يعلم أَنه مكابر معاند مَا قَالَت الْخَوَارِج والمعتزلة وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَأَيْضًا أَن الله سُبْحَانَهُ أبقى لَهُ اسْم الْإِيمَان مَعَ تَحْقِيق مَا عَلَيْهِ الْوَعيد فِي