الله وتاركا الحكم بِهِ وَقد قَالَ الله تَعَالَى {وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ}
وَبعد فَإِنَّهُ قد سمى بالأسماء الَّتِي سمى الله بهَا الْكَفَرَة من الْفسق والفجور وَالظُّلم لزمَه أَيْضا اسْم الْكفْر مَعَ مَا قسم الله الْبشر الَّذين جرى عَلَيْهِم الْقَلَم فِيمَا عَلَيْهِ أَمرهم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَقَالَ {هُوَ الَّذِي خَلقكُم فمنكم كَافِر ومنكم مُؤمن} وَقَالَ {فَمن شَاءَ فليؤمن وَمن شَاءَ فليكفر} وَقَالَ {فَمن يرد الله أَن يهديه} وَقَالَ {يضل من يَشَاء} وَقَالَ {أَفَمَن كَانَ مُؤمنا كمن كَانَ فَاسِقًا لَا يستوون}
ثمَّ بَين كفر الْمُسَمّى فَاسِقًا وَقَالَ فِي أَمر الْآخِرَة {يَوْم تبيض وُجُوه} وَقَالَ {فَأَما من أُوتِيَ كِتَابه بِيَمِينِهِ} فجعلهم جَمِيعًا متسمين فَلَا ثَالِث فِي التَّحْقِيق مَعَ مَا بَين أَن النَّار أعدت للْكَافِرِينَ فَإِذا ثَبت الْوَعيد لصَاحب الْكَبِيرَة جعله كَافِرًا
وَبعد فَإِن الله تَعَالَى وصف أَنه لَا ييأس من روح الله إِلَّا الْقَوْم الْكَافِرُونَ وَقد لزم أَلا يأس على قَول هُوَ لَا لزمَه اسْم الْكفْر على أَن الْأَسْمَاء لَا مَنَافِع لَهَا وَلَا مضار بهَا على أَهلهَا إِنَّمَا المضار وَالْمَنَافِع فِي حقائق مَا لَهَا الْأَسْمَاء فَإِذا لزم الخلود فِي النَّار بطلت فَائِدَة الإسم إِن كَانَ مُؤمنا أَو كَافِرًا لَا يمْنَع عَنهُ اسْم الْكفْر إِذْ عُوقِبَ بعقوبته وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه