{أَحسب النَّاس أَن يتْركُوا أَن يَقُولُوا آمنا} وَقَالَ {وليعلمن الْمُنَافِقين} فِي مَوضِع آخر فَثَبت بذلك اسْتِحْقَاق اسْم الْكفْر بِمَا ظهر كذبه فِيمَا أظهر من الإعتقاد وَالنَّظَر يُوجب ذَلِك بِمَا هُوَ بِالَّذِي مُخَالفا فِيهِ من الله مُجيب الشَّيْطَان إِلَى مَا دَعَاهُ ومطيع لَهُ فِيمَا أمره وَمن ذَلِك وَصفه فقد عَبده وَمن عبد الشَّيْطَان فَهُوَ كَافِر وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَمِنْهُم من يُسَمِّيه مُشْركًا لَا كَافِرًا إِنَّمَا صَار إِلَى مَا صَار بِالْفِعْلِ لَا بِالْقُوَّةِ وَقد قَالَ الله تَعَالَى {فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه فليعمل عملا صَالحا وَلَا يُشْرك بِعبَادة ربه أحدا} فَجعل فِي الْعَمَل شركا وَكَذَا تَسْمِيَة أهل الشّرك بِمَا أشركوا فِي الْعِبَادَة غير الله وَذَلِكَ معنى قَوْله {وَمَا يُؤمن أَكْثَرهم بِاللَّه إِلَّا وهم مشركون} وَقَالَ {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ} وَقد بَينا إِنَّمَا يغْفر من الذُّنُوب هِيَ الَّتِي كَانَت على الْخَطَأ أَو الْإِكْرَاه كَمَا جَاءَ بِهِ الْكتاب وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَمِنْهُم من قسم الذُّنُوب قسمَيْنِ فَجعل مِنْهَا صغائر تغْفر بإجتناب الْكَبَائِر وبالعفو بالجزاء وَنَحْو ذَلِك على اخْتِلَاف أقاويلهم وَهُوَ قَوْلنَا فِي أى أَلا يجوز إِخْرَاج صَاحبهَا من الْإِيمَان وفاسد مَعَ الْإِيمَان الخلود فِي النَّار لما يُوجب الْخلف فِي الْوَعْد بقوله {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره} وَمَا جَاءَت بِهِ الْآيَات فَمن يعْمل من الصَّالِحَات وَهُوَ مُؤمن والوعد فِي ذَلِك ثمَّ الَّذِي يمْنَع اسْم الْكفْر فِي الْحَقِيقَة والشرك أوجه أَحدهَا أَمر الله نبيه أَن يسْتَغْفر لَهُ وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات