فعلا قيل يَقُول لَهُم الله لم فَعلْتُمْ ذَا وَلم لَا فَعلْتُمْ ذَا ونقول إفعلوا ذَا وَلَا تَفعلُوا ذَا فِي التَّحْقِيق بل إِن أَمر أَو نهى فَإِنَّمَا يَأْمر فِي التَّحْقِيق نَفسه وَينْهى نَفسه ثمَّ هُوَ يرتكب المنهى فِي التَّحْقِيق وَيَأْمُر ويطيع هُوَ فِي الْحَقِيقَة ثمَّ يُعَاقب غَيره فيعذبه ويثيبه ويسميه مَعَ هَذَا حكيما رحِيما جلّ من صفته الرَّحْمَة وَالْحكمَة وعَلى ذَلِك يجب أَن لَا يَجدوا الْأَلَم فِي الْحَقِيقَة واللذة وَتَكون حَقِيقَتهَا رَاجِعَة إِلَى الله جلّ الله عَن ذَلِك وَتَعَالَى ثمَّ يبطل معنى الرُّسُل والكتب لما هِيَ فِي التَّحْصِيل تصير إِلَى الله بِالْأَمر والنهى والوعد والوعيد لَا مِنْهُ إِلَى غَيره ثمَّ يبطل حِكْمَة خلق الْخلق وَيحصل على الْعَبَث إِن كَانَ الْعلم يبلغ مَعْرفَته وَمن يكون خُرُوج فعله على كفران وجحود المنن وَالْكذب فِي الْإِخْبَار والسفه فِي الْأَفْعَال فَهُوَ حقيق أَن يكون شَيْطَانا رجيما فَهُوَ كَذَلِك لَا ريب فِيهِ وَهُوَ شَبيه بقَوْلهمْ كَانَ الله غير عَالم وَلَا قَادر ثمَّ صَار كَذَلِك فَلَعَلَّ تَدْبيره الْأَفْعَال الَّتِي كَانَت فِيمَا نسب إِلَى الْخلق فِي ذَلِك الْوَقْت جلّ الله وَتَعَالَى عَن ذَلِك
ثمَّ نسب الْقَدَرِيَّة وهم الَّذين يلقبوا بالإعتزال الْخَبَر إِلَيْنَا على تبرينا عَن ذَلِك عقدا وقولا لَكِن كذبهمْ فِي هَذَا نَحْو كذبهمْ علينا فِي اسْم الْقَدَرِيَّة ثمَّ نذْكر أحقنا بذلك فِي مُقَابلَة المذهبين ليعلموا جرْأَة الْمُعْتَزلَة وعظيم سفههم كَمَا بَينا فِي الْقَدَرِيَّة وَادعوا علينا اسْم الْجَبْر بإنكارنا كَون قدرَة الْفِعْل قبل وقته ثمَّ هم حققوا الْفِعْل فِي وَقت لَا قدرَة فِيهِ وَتَحْقِيق الْفِعْل فِي وَقت الْوَصْف بِلَا قدرَة أقرب إِلَى معنى الْجَبْر من تحقيقها مَعَ الْفِعْل لمن عقل الْجَبْر والإختيار وَمِمَّا يُوضح ذَلِك أَن الْفِعْل غير متوهم فِي حَال الْعَجز ومتوهم وجوده فِي حَال ارْتِفَاع الْعَجز فَكَانَ توهمه مَعَ الإرتفاع أرفع وأبلغ من توهمه مَعَ الْوُجُود إِذْ هُوَ سَبَب الْمَنْع فَكَذَلِك الْقُدْرَة الَّتِي هِيَ سَبَب الْفِعْل فِي الْحَقِيقَة وَيُؤَيّد ذَلِك فَسَاد الدَّرك بالبصر مَعَ ذَهَابه بِمَا تقدم من الْبَصَر وَكَذَا السّمع وَعمل كل الْحَواس فَلذَلِك