الْإِرَادَة من غير أَن كَانَ من الله بحدوثها إِرَادَة أَو اخْتِيَار مِنْهُ إِلَيْهَا معنى سوى أَن كَانَت فَكَانَ بهَا جَمِيع الْعَالم إِذْ من قَوْلهم إِن الْعَالم فعل الله وَإنَّهُ كَانَ بِاخْتِيَار وَإِن الإختيار إِرَادَة كَقَوْلِه {فعال لما يُرِيد} فَسَمت الْمُعْتَزلَة تِلْكَ الْحَادِثَة إِرَادَة وَالْمَجُوس فكرة وَهِي وَاحِدَة بَينهمَا اخْتِلَاف فِي الإسم لَا الْحَقِيقَة ثمَّ جعلت الْمَجُوس بهَا يصف الْعَالم والمعتزلة كل الْعَالم فيكونان فِي الْحَاصِل تَحت قَول ذميم والمعتزلة زَائِدَة ثمَّ الْمُعْتَزلَة تجْعَل الْعَالم بِاللَّه وبالأجسام من غير أَن كَانَ ذَلِك من الله من الإجتماع والتفرق وَالْحَرَكَة والسكون وَجَمِيع المتولدات مِمَّا عَن الْخلق مَفْصُولًا أَو بَائِنا وَكَذَلِكَ جَمِيع الْعَالم عِنْد الْمَجُوس من الْخَيْر وَالشَّر بل الْمَجُوس ينسبون كثيرا من الْجَوَاهِر إِلَى إِبْلِيس لَا تقدر الْمُعْتَزلَة على نِسْبَة شَيْء من ذَلِك إِلَى الله فِي الْحَقِيقَة وَالْمَجُوس يثبتون لإبليس الْقُدْرَة على خلق الشَّرّ بِاللَّه وينفونها عَن الله وَكَذَلِكَ قَول الْمُعْتَزلَة فِي قدرَة أَفعَال الْخلق وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَالْمَجُوس لَا تجْعَل لإبليس على شَيْء مِمَّا لله من الْعَالم قدرَة وَلَا لله على شَيْء مِمَّا لِلْخلقِ لإبليس وَكَذَلِكَ أَمر الْمُعْتَزلَة لكِنهمْ جعلُوا لجَمِيع الْأَحْيَاء ذَلِك وَالْمَجُوس لإبليس خَاصَّة وَالْمَجُوس / لَا تجْعَل لله إِرَادَة وَلَا سُلْطَانا فِيمَا لَيْسَ فِيهِ أَمر وَكَذَلِكَ الْمُعْتَزلَة وَالْمعْنَى الَّذِي دَعَا الْمَجُوس إِلَى القَوْل بإثنين مَا استقبحوا من إِضَافَة خلق الشَّرّ وَفَسَاد الْأَشْيَاء إِلَى الله وَكَذَلِكَ الْمُعْتَزلَة وَلَو عرفُوا حق معرفَة الربوبية أَنه فِي وضع كل شَيْء مَوْضِعه وَأَنه المتعالى عَن أَن يكون فعله لنفع لَهُ أَو لخير يكْتَسب لنَفسِهِ لعلموا أَن الْوَصْف بِخلق الْكل على مَا عَلَيْهِ وصف الْقُدْرَة والجلال وَالْقَوْل بِهِ قَول بِتمَام الْملك والكبريا وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَعبارَة أُخْرَى مِمَّا تبين أَن الْمُعْتَزلَة أَحَق من يتعالى بالإسم من أَهله مَا أنطق الله بِهِ ألسن الْخلق بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِم صغارهم وكبارهم من علم مَا تَحت الإسم أَو جَهله مُثبت أَن ذَلِك صَار لَهُم لقبا لَا من حَيْثُ صنع للبشر فِيهِ وَلَكِن بِفضل