أَدِلَّة صدقه وَشَهَادَة الْحق لَهُ قد حصرهم إِذْ مُنْتَهى حجج كل مِنْهُم مَا يضْطَر التَّسْلِيم لَهُ لَو ظفر بهَا وَقد ظَهرت لمن ذكرت وَلَا يجوز ظُهُور مثلهَا لضده فِي الدّين لما يتناقض حجج مَا غلبت حججه وَأظْهر تمويه أَسبَاب الشّبَه فِي غَيره وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعَظِيم
ثمَّ أصل مَا يعرف بِهِ الدّين إِذْ لابد أَن يكون لهَذَا الْخلق دين يلْزمهُم الإجتماع عَلَيْهِ وأصل يلْزمهُم الْفَزع إِلَيْهِ وَجْهَان أَحدهمَا السّمع وَالْآخر الْعقل
وَأما السّمع فَمَا لَا يَخْلُو بشر من انتحاله مذهبا يعْتَمد عَلَيْهِ وَيَدْعُو غَيره إِلَيْهِ حَتَّى شاركهم فِي ذَلِك أَصْحَاب الشكوك والتجاهل فضلا عَن الَّذِي يقر بِوُجُود الْأَشْيَاء وتحقيقها على ذَلِك جرت سياسة مُلُوك الأَرْض من سيرة كل مِنْهُم مَا راموا تَسْوِيَة أُمُورهم عَلَيْهِ وتأليف مَا بَين قُلُوب رعيتهم بِهِ وَكَذَلِكَ أَمر الَّذين ادعوا الرسَالَة وَالْحكمَة وَمن قَامَ بتدبير أَنْوَاع الصِّنَاعَة وَبِاللَّهِ المعونة والنجاة
وَأما الْعقل فَهُوَ أَن كَون هَذَا الْعَالم للفناء خَاصَّة لَيْسَ بحكمة وَخُرُوج كل ذِي عقل فعله عَن طَرِيق الْحِكْمَة قَبِيح عَنهُ فَلَا يحْتَمل أَن يكون الْعَالم الَّذِي الْعقل مِنْهُ جُزْء مؤسسا على غير الْحِكْمَة أَو مجعولا عَبَثا