والإستدلال وَذَلِكَ نوع مَا لايحتمل الإضطرار وَلَو جَازَ علم الإضطرار فِيمَا لَيْسَ فِي الْخلقَة احْتِمَاله لجَاز نفى علم الإضطرار فِيمَا كَانَ ذَلِك طَرِيقه فَيبْطل علم العيان مَعَ مَا كَانَ ذَلِك طَاعَة وإئتمار والجبر يسْقط ذَلِك كُله فَيصير فِي التَّحْصِيل كَأَنَّهُ قَالَ لَو شَاءَ لمنعكم عَن الْإِيمَان وَعَن مِلَّة وَاحِدَة وَهَذَا خلف من القَوْل وَإِنَّمَا أخبر أَنه لَو شَاءَ لجمعكم على على الْهدى وَقد آمن بَعضهم بالإختيار وَلَو كَانَ جبر الْبَقِيَّة لم يكن ليجمعهم وَلَكِن يمنعهُم عَمَّا أَبَوا بِهِ من دينه وطاعته وَذَلِكَ بعيد وَحش وَأَيْضًا أَنه لَا صنع لِلْخلقِ فِي مَوضِع الْجَبْر والقهر وَإِنَّمَا يرجع ذَلِك إِلَى إِيمَان الْخلق وكل جَوْهَر بخلقته مُؤمن مهتد بل بِهِ هِدَايَة كثير من الْخلق فَإِذا ذَلِك قد شَاءَ وَقد كَانَ بالْقَوْل بلو شَاءَ لَا معنى لَهُ وعَلى ذَلِك قَوْله {وَلَو شَاءَ رَبك لآمن من فِي الأَرْض كلهم جَمِيعًا} وَأَيْضًا مِمَّا يبطل تَأْوِيل القسر قَوْله {وَلَو شِئْنَا لآتينا كل نفس هداها وَلَكِن حق القَوْل مني لأملأن جَهَنَّم} ومشيئة الْجَبْر لَا تسْقط مَا ذكر أَنه حق وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَقَالَ الله {من يشإ الله يضلله وَمن يَشَأْ يَجعله على صِرَاط مُسْتَقِيم} وَعند الْمُعْتَزلَة إِنَّه شَاءَ جعل الْكل على ذَلِك وَهُوَ عز وَجل وعد أَن يكون الَّذِي شَاءَ كَذَلِك فَلم يكن وَقَالَ عز وَجل {وَلَا تقولن لشَيْء إِنِّي فَاعل ذَلِك غَدا إِلَّا أَن يَشَاء الله} فَلَا يَخْلُو هَذَا الشَّيْء من أَن يكون فِي الْخيرَات فَهُوَ لَغْو على قَوْلهم لِأَنَّهُ قد شَاءَ وَإِذا لم يكن أَيْضا يصير كَأَنَّهُ مَأْمُور بالْقَوْل الْكَذِب