وَالْمَنْع أَو الْأَمر بِهِ أَو الْإِبَاحَة وَذَلِكَ كُله فِي الْخَيْر مُطلق وَفِي الشَّرّ لَا إِلَّا مُقَيّدا إِنَّه لم يعسر وَلم يجْبر وَإِذا كَانَ كَذَلِك فمعارضته بِالَّذِي ذكر فَاسِدَة وَمَا أجَاب عَنَّا بِالْمَنْعِ فَحق قَالَ الله تَعَالَى فِي قَوْله {فَخلوا سبيلهم} بعد ذكر الْمَنْع وَمَا يحمد من قَول النَّاس اللَّهُمَّ قونا على طَاعَتك وَلَا يحمد اللَّهُمَّ خل بَيْننَا وَبَين طَاعَتك ثَبت أَن لأَحَدهمَا حَالا لَيْسَ للْآخر وَكَذَلِكَ هُوَ يَقُول بِالْفِعْلِ وَقت فنَاء الْقُدْرَة وَلَا قدرَة مَعَه وَلَا يَقُول بإرتفاع الْإِطْلَاق والتخلية وَقت الْفِعْل ليعلم بذلك بعده فِيمَا قدر وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
ثمَّ تكلم فِي سُؤال الرزق بِوَجْه لَا يرضى بِهِ سُؤال بل الْوَجْه فِي ذَلِك أَن الله تَعَالَى إِذْ ضمن الرزق بقوله {وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض إِلَّا على الله رزقها} كَانَ ذَلِك يملك بِملكه أَو بِمَا يطعمهُ فَأَما أَن يكون لأحد قدرَة فِي منع الله عَن وَفَاء مَا ضمن من الْوَجْه الَّذِي ضمن حَتَّى يلْحقهُ الْخلف فِي الْوَعْد وَالْعجز عَن وَفَاء شَيْء ضمنه فَيكون الله فِي فعله تَحت قدرَة غَيره وَبِغَيْرِهِ يقدر على إنجاز الْوَعْد ووفاء الْعَهْد وَهَذَا أَمر عَظِيم أَو لَا يكون فَيبْطل أَن يكون أحد يرْزق بِمَا هُوَ فِي الْحَقِيقَة رزق غَيره من ذَلِك الْوَجْه أَو يقدر عَلَيْهِ وَلَو كَانَ ذَلِك فِيمَا الْقُدْرَة مَعَه لكَانَتْ هَذِه الوحشة تلْحقهُ إِذْ علم أَنه من ذَلِك الْوَجْه يطْلب رزقه
قَالَ سَأَلَ الْوراق فَقَالَ يُقَال لَهُم هَل اتَّقى أحد مَعْصِيّة الله وَهُوَ قَادر مراقبته لله فَإِن قَالُوا لَا أعظموا القَوْل فِي وصف الْأَنْبِيَاء إِنَّهُم لم يَفْعَلُوا ذَلِك وَإِن قَالُوا نعم لَزِمَهُم القَوْل بهَا قبل الْفِعْل
نقُول لَهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق إِن عنيت بِالْقُدْرَةِ الْأَسْبَاب الَّتِي هِيَ أَحْوَال الْقُدْرَة الَّتِي تعرض لَا محَالة لَوْلَا التضييع من العَبْد فبلى وكل الْأَنْبِيَاء كَذَلِك كَانُوا وَكَذَلِكَ الأخيار وَإِن أردْت بِهِ الْقُدْرَة الَّتِي هِيَ مَعَ الْفِعْل أحلّت السُّؤَال وصرت كمن يَقُول هَل راقب الله أحد فِي إبْقَاء الْمعاصِي وَهُوَ فَاعل لَهَا وَذَلِكَ مِمَّا لَا