فِي جَمِيع مَعَاني الربوبية سَوَاء فَيكون فِي ذَلِك تدافع وتمانع مَعَ مَا كَانَ ذَلِك صفة فَرد سموهُ عددا أَو تخْتَلف فَيكون الأتم لَهَا أَحَق بالربوبية وَأما الْأَفْعَال فَمَا ذكرت من اتساق جَمِيع الْعَالم مَعَ تنَاقض الطبائع وتضادها صَارَت كَأَنَّهَا أشكال فِي قوام بعض بِبَعْض وَكَون بعض لبَعض عونا وناصرا فِي الْبَقَاء وَإِن كَانُوا بِالْوَجْهِ الَّذِي ذكرت ثَبت أَن ذَلِك التألف مَعَ التضاد لَا يحْتَمل إِلَّا بمدبر حَكِيم عليم لطيف لَا يُنَازع فِي التَّدْبِير وَلَا يُخَالف فِي التَّقْدِير وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَإِذا ثَبت القَوْل بوحدانية الله تَعَالَى والألوهية لَهُ لَا على جِهَة وحدانية الْعدَد إِذْ كل وَاحِد فِي الْعدَد لَهُ نصف وأجزاء لزم القَوْل بتعاليه عَن الْأَشْبَاه والأضداد إِذْ فِي إِثْبَات الضِّدّ نفى إلهيته وَفِي التشابه نفى وحدانيته إِذْ الْخلق كلهم تَحت إسم الأشكال والأضداد وهما علما احْتِمَال الفناء والعدم وَنفى التَّوْحِيد عَن الْخلق
وَالله وَاحِد لَا شَبيه لَهُ دَائِم قَائِم لَا ضد لَهُ وَلَا ند وَهَذَا تَأْوِيل قَوْله {لَيْسَ كمثله شَيْء} وأصل ذَلِك أَن كل ذِي مثل وَاقع تَحت الْعدَد فَيكون أَقَله أثنين وكل ذِي ضد تَحت الفناء إِذْ يهْلك ضِدّه وعَلى ذَلِك كل شَيْء سواهُ لَهُ ضد يفنى بِهِ وشكل يعد لَهُ وَيصير بِهِ زوجا فحاصل تَأْوِيل قَوْله وَاحِد أَي فِي العظمة والكبرياء وَفِي الْقُدْرَة وَالسُّلْطَان وَوَاحِد بالتوحد عَن الْأَشْبَاه والأضداد وَلذَلِك بَطل القَوْل فِيهِ بالجسم وَالْعرض إِذْ هما تَأْوِيلا الْأَشْيَاء وَإِذ ثَبت ذَا بَطل تَقْدِير جَمِيع مَا يُضَاف إِلَيْهِ من الْخلق ويوصف بِهِ من الصِّفَات بِمَا يفهم مِنْهُ لَو أضيف إِلَى الْخلق وَوصف بِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
وَفِي ذَلِك ظُهُور تعنت المشبهة وَذَلِكَ سَبَب إلحاد من ألحد أَنه ظن بِهِ مَا احتمله الشَّاهِد فَمنهمْ من جعله أحد الْأَعْيَان وَأنكر الصَّانِع للْعَالم وأدعى أَنه على مَا عَلَيْهِ فِي الْأَزَل وَمِنْهُم من صيره مُحْتملا للحوادث وَأنكر حَدثهُ