وَإِن احْتج بإطعام الْبشر الْكثير من طَعَام يسير عورض بنبينا إِنَّه أحدث فِي إِنَاء دَقِيقًا لم يكن فِيهِ فَإِن قيل صير المَاء خمرًا قيل اليسع أحدثه بِلَا عدَّة آنِية لامْرَأَة ثمَّ صيره زيتا وَإِن احْتج بِالْمَشْيِ على المَاء فهم يقرونَ بذلك ليوشع بن نون ولإليا وَالْيَسع وَإِن استدلوا بِالرَّفْع إِلَى السَّمَاء فهم يقرونَ بذلك لإليا وَقَالُوا ارْتَفع إِلَى السَّمَاء بمشهد من جمَاعَة وَإِن احْتَجُّوا بإبراء الأكمه والأبرص وَنَحْو ذَلِك فإحياء الْمَيِّت أعظم مِنْهُ وَقد أقرُّوا بِهِ لإليا وَالْيَسع مَعَ مَا عَلَيْهِم فِي إقرارهم أَن الْيَهُود صلبوه وهزؤا بِهِ فَإِن كَانَ الأول يدل على التَّعْظِيم فَهَذَا يدل على التصغير وهلا صنع كصنيع إيليا حَيْثُ أَتَوْهُ أَن أرسل عَلَيْهِم نَارا فأكلتهم أكْرمه الله بِهِ وَإِن رجعُوا إِلَى إِظْهَار الْعَجَائِب فِي تَحْقِيق التَّخْصِيص عورضوا بِمن ذكرت
وَبعد فَقولُوا الله فِي السَّمَاء وَفِي الأَرْض لما أظهر فِي كل شَيْء مِنْهَا عجائب فَيُوجب تَخْصِيص كل شَيْء من الْوَجْه الَّذِي يخصونه فَإِن قَالَ قوى الْمَسِيح على فعله لَا أَن فعل هُوَ بِهِ قيل أَكَانَ يفعل الْأَجْسَام فَإِن قَالَ نعم قيل أهوَ مَخْلُوق فَإذْ قَالَ نعم قيل بدنه وروحه كبدننا وروحنا مَا باله قدر على مَا لَا نقدر عَلَيْهِ وَقدر على ذَلِك بِقُوَّة هِيَ جُزْء من الله أَو قُوَّة محدثة فَإِن قَالَ بِجُزْء هُوَ يفعل أبطل قَوْله فِي فعل الْمَسِيح وَهُوَ إِلَه الْمَسِيح وَيكون هُوَ الله لَا الْمَسِيح وَإِن انْقَطع الْجُزْء عَن الله فَإِذا فعل كثيرا من الْأَجْسَام غير الله وَإِن ادعوا اتِّصَاله بِاللَّه فَيكون الْفِعْل لَهَا وهما لله فَصَارَ إِلَى أَن الله هُوَ الْفَاعِل وَإِن زَعَمُوا أَن فِيهِ قُوَّة يفعل بهَا الْأَجْسَام لَا أَنَّهَا بِفِعْلِهِ جعلُوا إِلَه الْمَسِيح بعضه يصرفهُ كَيفَ شَاءَ وَإِن قَالَ يفعل بِنَفسِهِ لَا بِقُوَّة حَادِثَة عورض بِنَاء على مَا قَررنَا